وبهذا يتضح : إنّ النكتة هي في التمسك بإطلاق المادة بلحاظ الملاك ، وعدم تقييده بالدليل الدال على شرطيّة القدرة ، لأن الدليل ليس هو أنّ شرطية القدرة في طول التكليف ، فيستحيل أن تكون ناظرة إلى مرحلة ما قبل التكليف ليقال للميرزا : بأنّ القرينة المتأخرة لا مانع من أن تكون ناظرة بمدلولها إلى أمر متقدم ، بل نظر الميرزا «قده» أنّ هذه القرينة لا تدل على أكثر من هذا المقدار ، لأن مدلولها قاصر عن الشمول للأول ، أي : «للملاك» ، لأن هذه القرينة إن كانت بحكم العقل بقبح تكليف العاجز ، فإن العقل لا يقبح ثبوت الملاك في حقه ، وإن كانت ، لأنّ طبع التكليف يقتضي البعث نحو المقدور ، فمن الواضح إنّه في الملاكات لا تكليف.
ومن هنا يتضح : أن هذه القرينة حتى لو اتصلت بالخطاب فلا تصلح قرينيتها لتقييد الإطلاقين معا.
وإن شئت قلت : إنّ الخطاب يتكفل الدلالة على شيئين : أحدهما طلب المادة ، والآخر وجود الملاك ، وكلا هاتين الدلالتين مصبّهما «المادة» فخطاب «صلّ» له مدلولان : أحدهما وجوب الصلاة ، والثاني هو الملاك المولوي للصلاة ، غاية الأمر أنّ المدلول الأول لفظي لصيغة الأمر ، والمدلول الثاني مدلول سياقي لخطاب «صلّ».
وفرق هذا الوجه عن الوجه السابق ، هو : إنّ الدلالة على الملاك في هذا الوجه في عرض الدلالة على الحكم ، فليس الملاك مدلولا التزاميا طوليا لخطاب «صلّ» ، كي يسقط بسقوط المدلول المطابقي بناء على التبعية ، إذن فمعنى كون الملاك مدلولا عرضيّا هو ثبوته حتى في الفرد المزاحم بمقتضى إطلاق القضية الثانية ، لأنّ التخصيص بالقدرة لا يكون إلّا بلحاظ الحكم والطلب أي : بلحاظ القضية الأولى المدلول عليها باللفظ ، سواء أكان هذا التخصيص بحكم العقل ، أو كان مأخوذا قيدا في نفس الخطاب.
نعم لو كانت القدرة مأخوذة في الخطاب صريحا ، كان ذلك رافعا