لإطلاق المادة بلحاظ محموليها ، فإذا قال : «إنّ استطعت فحج» ، فإنّه في قوة قوله : «إنّ استطعت فالحج واجب عليك» ، وحينئذ يدل على كون الملاك مختصا في حال القدرة ، وذلك باعتبار كون المحمولين حينئذ معا محمولين على المادة ، فيكون القيد المأخوذ تقييدا للمادة بلحاظهما معا أيضا.
وهذا بخلاف ما إذا كانت القرينة عقلية لبيّة على اشتراط القدرة ، فإنّها حينئذ لا تشترط ذلك إلّا بلحاظ التكليف دون الملاك ، ولا تصلح قرينيتها حينئذ لتقييد الإطلاقين معا.
هذا ما ينبغي أن يكون مقصود المحقق النائيني «قده» دون أن يرد عليه ما يظهر من السيد الخوئي «قده» (١) من أن شرطيّة القدرة الدالة على التقييد ، لا مانع من تقييدها للملاك ، لأنّ التقييد يكون بلحاظ المدلول ومقداره ، ولو كان هذا التقييد متأخرا رتبة ، وإن أبيت فلا أقل من الإجمال ، فلا يصلح للتقييد. فما ذكره السيد الخوئي «قده» ليس هو مدّعى المحقق النائيني «قده» ، وإنّما مدّعاه ، أنّ مدلول هذه القرينة إنّما هو بمقدار مرحلة الحكم والباعثية ، أي بمقدار القضية الأولى ، وحينئذ فهي لا تقيّد القضية الثانية ، كما أنها لا تصلح لإجمالها ، كما عرفت.
والصحيح في ردّ هذا الوجه في إثبات الملاك في الفرد المزاحم ، هو إنكار أصله الموضوعي فيه ، فيقال : إنّ الخطاب ليس له مفادان عرضيّان ، وإنّما له مفادان طوليان ، فإنّ الخطاب يدل على الحكم والطلب أولا ، ويدل ثانيا على الملاك في طول دلالته على الحكم والطلب ، فثبوت الحكم هو الدال على الملاك ، فيكون الملاك في طوله.
وبهذا لا تصح العبادة المزاحمة بلحاظ ملاكها ، ، وإنّما يكون تصحيح هذه العبادة متوقفا على إثبات الأمر فيها بأحد الوجهين الأولين ، وهما : الالتزام بالأمر العرضي ، أو الالتزام بالأمر الطولي ، أي : الترتّب.
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ١٨١ ـ ١٨٢ ـ ١٨٣ ـ ١٨٤ ـ ١٨٥.