وبهذا يكون قد اتّضح بطلان الجواب الثالث على الاعتراض ، كما اتضح عدم تماميّة الوجه الثالث ، وهو الاكتفاء بالملاك في تصحيح عبادية الفرد المزاحم.
وإنّما التام هو الوجهان الأولان ، كما عرفت. وبهذا يبطل الاعتراض الأول على الثمرة.
٢ ـ الاعتراض الثاني على الثمرة : هو عكس الأول ، إذ إنّه تصح العبادة المزاحمة على كلا القولين : الاقتضاء وعدمه. أمّا على القول بعدم الاقتضاء فواضح ، وأمّا على القول بالاقتضاء ، فلأن العبادة المزاحمة ، وإنّ كانت منهيا عنها ، لكنّ هذا النهي غيري وهو لا يقتضي الفساد ، وإنّما الذي يقتضي الفساد هو النهي النفسي.
وقد ارتضى هذا الاعتراض كل من المحقق النائيني «قده» (١) والمحقق الخوئي (٢) «قده» ، وذلك باعتبار أنّ هذا النهي الغيري إنّما هو من أجل الغيري وليس لملاك في متعلقه ، بل متعلّقة باق على ملاكه الفعلي ، وهذا النهي لا يضر بفعليّة الملاك.
وما دام الملاك ثابتا ، فيمكن إيقاع العبادة والتقرب بها ، بلحاظ ملاكها الموجود فيها ، فتقع صحيحة.
وهذا الكلام غير تام لعدة أمور :
١ ـ الأمر الأول : هو أنّ المعترضين ، «إن كانوا يريدون بقولهم ، إنّ النهي الغيري لا يضر بوجود الملاك» إن أرادوا به المحبوبيّة النفسية ، فمن الواضح أن هذا مستحيل بناء على الاقتضاء ، إذ الملاك بمعنى المحبوبية النفسية لا يعقل وجوده ، كيف ، والقائل به يدّعي وجود مبغوضيّة فيه ، وهي لا
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٨٣.
(٢) محاضرات فياض : ج ٣ ص ٨٧ ـ ٨٩.