تجتمع مع المحبوبيّة ، إذ إنّ النهي الغيري ليس مجرد اعتبار ، بل مرجعه إلى البغض الغيري.
ومن الواضح استحالة اجتماع الحب مع البغض ، سواء أكانا نفسيين ، أو غيريين ، أو مختلفين ، وبالتالي لا يمكن أن يكون شيء واحد محبوبا مبغوضا.
٢ ـ الأمر الثاني : هو إنّ المعترضين إن أرادوا بالملاك عالم المصلحة والأثر ، أي : إنّ هذا الفرد إذا كان واجدا للمصلحة فلا يضر النهي الغيري به! إن أرادوا ذلك ، فقد يكون الأمر كذلك ، ولكن مثل هذا لا ينفع في وقوع العبادة صحيحة ، لأن مجرد إيقاع العبادة بقصد المصلحة ، لا يجعلها صالحة للمقربية ما لم تضف إلى المولى «عزوجل» ، بينما المضاف إلى المولى هنا هو البغض دون الحب ، وما كان مبغوضا للمولى لا يقرّب منه. إذن فالملاك بالمعنى الأول غير موجود ، والملاك بالمعنى الثاني ، وإن كان موجودا ، ولكن لا يمكن التقرب به.
٣ ـ الأمر الثالث : هو إنّه لو سلّمنا بما يقوله المعترضون ، فإن هذا إنّما يصحح العبادة من باب الملاك على تقدير كلا القولين : الاقتضاء وعدمه ، ولكن هذا لا نقول به ، بل إنه يصحّح العبادة المزاحمة من باب الأمر ولو الترتبي ، فلو قلنا حينئذ : بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص ، فلا بدّ أن نقول حينئذ بحرمة العبادة ، إذن فلا يمكن تصحيحها ، بل ولا يعقل «الترتب» حينئذ ، لأنه اجتماع للأمر والنهي في موضوع واحد ، وهو غير معقول.
وبناء على هذا يمكن وضع صياغة أعمّ للثمرة فيقال : إنّه بناء على القول بالاقتضاء ، يدخل باب التزاحم في باب التعارض ، ويصبح دليل «صلّ» مع دليل «أزل النجاسة» متكاذبين ، لأن دليل «أزل النجاسة عن المسجد» يجعل الحرمة على «الصلاة» قبل «الإزالة» ، ودليل «صلّ» يجعل الحرمة على «الإزالة» ، وجعل الحرمة والوجوب على الصلاة لا يجتمعان.