٣ ـ النحو الثالث : من أنحاء كون أحد الخطابين رافعا لموضوع الآخر ، هو بالعلم والوصول ، وذلك من قبيل الخطابات الواقعية مع الخطابات الظاهرية ، بناء على أنّ «العلم» الذي أخذ قيدا أو غاية في خطاب «رفع ما لا يعلمون». بناء على أن يكون المراد منه «العلم» بما هو كاشف لا بما هو منجّز ، وإلّا دخل في النحو الرابع ، فإذا كان مأخوذ بما هو كاشف لا بما هو منجز ، حينئذ يكون مثالا لمحل الكلام ، فإنّ الخطاب الواقعي لا يرفع موضوع الخطاب الآخر ، لا يجعله ولا بفعليّة مجعولة ، ولكنّه يرفع موضوع الخطاب الآخر بوصوله ، كما في الخطاب الواقعي في حرمة الإفتاء بلا علم ، فإنّه لا يرتفع موضوع حرمة الفتوى بنفس الخطاب الواقعي وبالجعل ، بل بوصوله ، فلو أفتى بوجوب صلاة الجمعة ، فهذا الإفتاء حرام ، ولكن ترتفع الحرمة هذه ، بوصول الخطاب والعلم.
٤ ـ النحو الرابع : من أنحاء رفع أحد الخطابين لموضوع الآخر هو ، أن يكون أحد الخطابين منجزا ، ومثاله : الخطابات الواقعية مع أدلة الأصول العمليّة ، بناء على كون العلم المأخوذ في موضوعها هو العلم بما هو منجز ، لا بما هو كاشف ، حينئذ يكون يكون الخطاب الواقعي المنجز ، ولو بغير العلم الوجداني ، رافعا لموضوع أدلة الأصول العملية ، وواردا عليها ، ومن أمثلته ، ما يقال في الزكاة ، من اشتراط التمكّن من التصرف خلال العام عقلا وشرعا ، فلو لم يكن متمكنا عقلا من التصرف خلال العام ، وكذلك لم يكن متمكنا شرعا خلال العام ، فإنه لا ينعقد وجوب الزكاة حينئذ بسبب العجز عن التمكن عقلا من تنجز خطاب الزكاة ، كما لو نذر أو وقف هذه العين الزكوية فيتنجز خطاب حرمة التصرف بها ولو بلا علم ، وبهذا يرتفع موضوع دليل وجوب الزكاة ، وهكذا الأحكام المشروطة بالقدرة الشرعيّة ، ـ «وهي وإن كان لها معان» ، ـ لكن نأخذ منها واحدا الآن ، وهو أن يكون المقصود منها وجود معجّز مولوي ، إذ من الواضح أن المعجّز المولوي قوامه تنجز تكليف آخر ، فيقال حينئذ : إنهم اشترطوا في وجوب الوضوء بالماء ، القدرة الشرعية على