تصل في الحمّام» على خطاب «صلّ في الحمّام» فليس معنى ذلك أنه لم يعلم بحرمتها ، إذن فلم تصل إليه فيشمله خطاب «صلّ» ، بل لأننا نقول : بأن خطاب «صلّ» مرتفع في تمام الصلاة الحمّاميّة ، سواء أكانت منجزة الحرمة أو لا ، وهكذا الحال في تمام موارد التعارض ، ولا يكفي في فعليّة أحدهما في مادة الاجتماع عدم وصول أحدهما.
وهذا معناه ، أن التعارض بين الخطابين المتعارضين بوجودهما الواقعي ، هو تعارض مستقر.
إذن فلما ذا شذّ محل الكلام عن ذلك؟ رغم أننا قلنا في الجهة الأولى وبناء على امتناع الترتب : بأن خطاب «صلّ وأزل» متعارضان فيما إذا كانت هناك نجاسة واقعا ، ولو لم يعلم بوجودها ، وحينئذ نسأل : أنه لما ذا انحل هنا بتقييد أحد الخطابين بوصول الآخر ، بينما لم ينحل هناك في تمام موارد ثبوت الآخر ، وصل أو لم يصل ، فما الفرق إذن بين المقامين؟
وجوابه هو : إنّ التعارض في موارد أخرى غير التزاحم ، كما في خطاب «صلّ» ، «ولا تغصب» أو «صلّ ولا تصلّ في الحمام» إنّما كان تعارضا بحسب عالم المبادئ الحكم ، لأنّ مصب كلا الحكمين ، أي : «صل ولا تغصب» كان واحدا بناء على امتناع اجتماع الأمر والنهي.
وبناء على وحدة المصب هذه ، يكون التعارض بين الحكمين تعارضا بلحاظ عالم المبادئ ، أي : عالم الإرادة والكراهة ، والمصلحة والمفسدة ، بمعنى أن الفعل الواحد لا يمكن أن يكون فيه مصلحة فعليّة ، ومفسدة فعليّة.
ومن الواضح أن التعارض بين الخطابين في عالم المبادئ ، تابع لواقع المطلب ، لا لعلم المكلّف وجهله.
فكونه يعلم أو يجهل ، لا دخل له في استحكام التعارض ، إذ إنّ حرمة الغصب ، أينما فرضت ، فإنّ فرضها هو فرض وجود مبغوضية ومفسدة فعليّة ،