وأمّا إذا لم يكن مدلول الخطاب أمرا اعتباريا ، بل كان له مدلول عرفي ، وهو كون هذا الاعتبار بداعي الجد ، وهو داعي الباعثيّة والمحركيّة ، ومن هنا قلنا بعدم شمول الخطاب الشرعي للعاجز ، لأن الاعتبار إنما كان بداعي الجد والمحركيّة ومحركيّة الاعتبار للعاجز غير معقولة ، وهذا قرينة على كون الاعتبار كذلك كما سلكه المحقق النائيني «قده».
وحينئذ بناء على اشتراط القدرة في التكليف ، وكون الاعتبار بداعي المحركيّة ، نرى أنّ هذين الخطابين المتزاحمين ، بعد أن قيّد أحدهما بعدم وصول الآخر ، فإنه بناء على القول بعدم الترتب ، حينئذ ، قد يقال ببقاء التعارض والتنافي بين مدلولي الخطابين ، لأن المولى حينما يجعل الحكم بداعي التحريك ، فمعنى هذا أنه متى ما اجتمع الحكمان يعني : أنه اجتمعت محركيّتان وتصدّيان ، وهنا خطاب «صلّ» مقيّد بعد وصول خطاب «أزل» ، والمفروض أنه لم يصل ، إذن فيثبت كلا الخطابين ، وتصدي المولى لموضوع كلا الخطابين غير معقول.
والآن نبسط الكلام في معنى الداعي وأنحائه ، لنرى أيّ نحو من أنحاء الدواعي يستفاد من الخطاب.
١ ـ النحو الأول من معنى الداعي هو : أن يدل الخطاب على أن الحكم مجعول بداعي أن يكون محركا إلى الفعل.
وهذا المعنى للداعي واضح البطلان هنا ، لأنّ المولى لا يفترض وجود عاص.
٢ ـ النحو الثاني من معنى الداعي ، هو أن يقال : إنّ داعي الباعثية هو عبارة عن داعي إيجاد ما يكون محركا وباعثا للمنقاد خاصة على إطلاقه.
وهذا أيضا غير صحيح ، إذ ليس كل منقاد سوف يتحرك ، لأن المنقاد الذي يخطئ في وصول الحكم إليه لم يتحرك ، إذن فيستحيل أن يكون الفرض من جعل الحكم ، هو داعي المحركيّة للمنقاد على الإطلاق ، إذ لو كان هذا هو