خطاب «وجوب السفر» هو نسبة وجوب «المهم» الترتّبي بالنسبة إلى وجوب «الأهم». فكما يدّعي القائل بإمكان الترتب بمزاحمة «الصلاة» مع واجب أهم كالإزالة ، كذلك في المقام ، يوجد خطاب «سافر» ويوجد خطاب ، «إذا لم تسافر فصلّ تماما» ونسبة الخطاب الثاني إلى الأول ، كنسبة خطاب «صلّ» إلى خطاب «أزل» ، فكما أن خطاب «الإزالة» يهدم موضوع «وجوب الصلاة الترتبي» ، فكذلك خطاب «سافر» يستدعي هدم موضوع خطاب «صلّ تماما» ، لأنّ موضوعه «من لم يسافر» ، فإذا تعقّلت هذا تتعقّل ذاك.
وبعبارة أخرى : إنّ معنى تعيّن الثالث ، أنه مكلّف بالسفر ، وهو على حد تكليفه «بالإزالة الأهم» ، وكذلك فهو مكلف «بالصلاة التمام» على تقدير «عدم السفر» ، على حدّ التكليف «بالصلاة» على تقدير «عدم الإزالة» ، وبتعقّل هذا يتعقّل ذاك.
٢ ـ الفرع الثاني : وهو يحمل روح الفرع الأول لكن بعكسه ، كما لو فرض أنه وجبت عليه «الإقامة وقصدها» بنذر ، ولكنّ المكلّف لم يمتثل ذلك ، بل عصى وسافر ، فإنه هنا ، لا إشكال فقهيا في وجوب الصلاة القصر عليه في السفر ، وهو من الترتب ، لأنّ أمر هذا المكلف أيضا يدور بين احتمالات ثلاث :
أ ـ الاحتمال الأول : هو أنّه لا تجب عليه الصلاة أصلا ، وهو احتمال ساقط.
ب ـ الاحتمال الثاني : هو أنه تجب عليه صلاة التمام فقط.
ج ـ الاحتمال الثالث : هو أنّه تجب عليه صلاة القصر فقط.
والمتعيّن هو الثالث ، فينتج وجود خطابين : الخطاب الأول ، هو خطاب «أتم» ، والخطاب الثاني ، هو خطاب «إذا لم تتم فصلّ قصرا» ، وليس هذا إلّا الترتب.
٣ ـ الفرع الثالث : وهو روح الفرعين السابقين ، لكنه هنا بلحاظ