وبهذا يتبين أن هذه الفروع لا تشكّل نقضا على القول بالامتناع.
وإنّ شئت قلت : إن الفروع الثلاثة لا تحتوي إلّا على العلاقة الأولى ، حيث يكون الأمر بالصلاة الرباعيّة مثلا ، مترتبا على عدم السفر ، فيكون الأمر بالسفر مستدعيا بامتثاله رفع الأمر بالرباعيّة ، ولكنه لا تضاد هنا بين المتعلقين ، كما لو كانت بينهما العلاقة الثانية ، وذلك لأنّ الصلاة الرباعيّة ، وإنّ كانت مقيّدة بعدم السفر ، إلّا أن عدم السفر من شرائط الوجوب ، وحينئذ لا يكون تحت الطلب والأمر ، لأن الأمر لا يحرّك نحو شرائط ومقدمات الوجوب ، بل هو يحرك نحو الواجب وهو الصلاة الرباعيّة ، وعليه لا يكون الأمر بالصلاة الرباعيّة مضادا مع الأمر بالسفر ، ومقتضيا لتحرك المكلف باتجاه معاكس ، لما يقتضيه الأمر بالسفر كما كان الحال في مورد الترتب.
وعليه ، لا يكون واحدا من هذه الفروض نقضا على القول بالامتناع.
٢ ـ الكلمة الثانية : هي إنّه لو فرض أنّ المقام من قبيل الترتّب ، وفرض قيام الضرورة الفقهية ، فهنا يوجد مخلّص للقائلين بالامتناع ، لأنّ الضرورة الفقهيّة تدل على أن هذا المكلّف إنّ لم يسافر فالصلاة لم تسقط عنه ، وإنّه إذا صلّى قصرا سوف يعاقب ، ولا نجاة له إلّا بأن يصلي تماما.
وهذه نتيجة ثابتة ، أمّا تخريجها فإنّه لا ينحصر بالضرورة حيث يلتزم بالترتب ، ويفترض وجود خطابين ، «سافر» ، وصلّ تماما» ، بل مقتضى الجمع بين الضرورة الفقهيّة وبرهان امتناع الترتب لو تمّ ، هو الالتزام بتخريج النتيجة بأسلوب آخر وذلك بأحد وجهين :
أ ـ الوجه الأول : هو أن يقال : إنّه عندنا خطابان : الأول متعلّق بالسفر يقينا ، «سافر» ، والثاني متعلّق بالجامع بين «السفر وصلاة التمام» المقيّدة بعدم السفر ، ولا ترتب بينهما أصلا ، وحينئذ ، فإذا لم يسافر ، ولم يصلّ رباعيّة ، يعاقب بعقابين لا محالة.
وهذا توجيه معقول كما سبق في بحث الإجزاء ، ولا ترتب فيه.