البرهان ، لكنها نظرة عرفية ارتكازية قد جرى عليها العقلاء ، وجرى عليها ، (المحقق النائيني) نفسه ، في تصويره لعالم الجعل والمجعول.
إذن فتصوير عالم المجعول تصوير عرفي عقلائي ، وإن كان بحسب الواقع ليس موجودا ، ولكن قد تطابق الفهم العرفي على أن المجعول والمعتبر حينما يرى بالنظرة الإفنائية ، فإنه يرى كأنه الخارج ، فكأنه جعل الخارج.
ونحن وإن كنّا لا ننكر عالم المجعول بحسب النظر العرفي والعقلائي ، لكننا ننكر واقعه بحسب النظر البرهاني.
وبإنكار المجعول بحسب النظر البرهاني ، حلّ إشكال الشرط المتأخر كما تقدم معنا ، كما أنه بناء على قبول المجعول بالنظر التصوري ، صحّ استصحاب بقاء المجعول في الشبهات الحكمية ، كما سيأتي. وقد تبيّن بعد كل هذا إمكان الواجب المشروط في مقام الثبوت في تمام المراحل الثلاث للحكم ، كما اتضح بما ذكرناه أخيرا ، الجواب على إشكال (المحقق (١) الخراساني) في الواجب المشروط من استلزامه التفكيك المحال بين الاعتبار والمعتبر ، والإنشاء والمنشأ ، إذ قد تبيّن عدم لزوم التفكيك بين الاعتبار والمعتبر بالذات ، والإنشاء والمنشأ بالذات ، لما عرفت من العينية ، وعدم الوجود الحقيقي لهما خارج أفق نفس الاعتبار والإنشاء.
وأمّا المعتبر والمنشأ بالعرض ، فليس بالمنشإ والمعتبر حقيقة ، وإن كان يماثل ما تعلق به الحب والاعتبار والإنشاء.
هذا هو تمام الكلام في تعقل الوجوب المشروط في المرحلة الأولى ، مرحلة مقام الثبوت.
المرحلة الثانية :
في تعقل الوجوب المشروط في مرحلة مقام الإثبات ، وما يرد
__________________
(١) كفاية الأصول : مشكيني ج ١ ص ١٥٤.