أمّا كونه باطلا فيما إذا ادّعي أنه موجود خارجي ، فلوضوح أن الأحكام الشرعية ليست موجودات خارجية ، إذ لا شيء في الخارج اسمه الوجوب.
وأمّا كونه باطلا فيما إذا ادّعي إنه موجود نفساني فكذلك هو أمر غير معقول ، لأن هذا المجعول تابع لواقع وجود الاستطاعة خارجا ، مع أنه من الواضح أنه لا يعقل أن يحدث شيء في نفس المولى الجاعل تبعا لوجود الشرط ـ الاستطاعة ـ خارجا ، سواء علم بتحققها ، أو لم يعلم ، لوضوح أن فعلية المجعول تابعة لوجود الاستطاعة خارجا ، سواء علم بتحققها ، أو لم يعلم.
وبهذا يتبيّن أن الشقوق كلها باطلة ، وبه يتضح أنه لا يوجد في الأحكام والقضايا المجعولة والمعتبرة ، شيء حقيقي له وجود خارجا ، أو في نفس المولى نسميه بالمجعول الفعلي ، إلّا نفس وجوده الثابت في نفس الجعل والاعتبار على نهج القضية الشرطية والتقديرية.
نعم هذه القضية الشرطية والتقديرية ، لا تكون محركة وفاعلة قبل تحقق الشرط ووجوده ، وإنما تصبح محركة وفاعلة بعد وجود الشرط وتحققه ، لوضوح أنه لا مستطيع حتى تحركه ، فلم يبق إلّا الفقراء ، إذن فهي لا تكتسب المحركية في شخص خارج إلّا إذا انطبقت عليه لا محالة. إذن فظرف الاستطاعة هو ظرف المحركية والفاعلية لهذه القضية الخارجية ، لا أنه يحدث شيء حقيقة في ظرف وجود الموضوع.
لكن لا بأس بأن يقال : بأنه يحدث شيء مسامحة عند تحقق الشرط خارجا ، فنعبّر عنه مسامحة بفعلية المجعول ، وتحقق الوجوب ، يعني بالنظر الإفنائي ، حيث أن المولى والمعتبر كأنه يرى الصورة الذهنية فانية في الخارج ومرآة له ، فهو كأنه يرى شيئا يحدث في الخارج ، لكنها رؤية تصورية إفنائية ، وليست نظرا حقيقيا ، فحينما يقال : بأن وجوب الحج قد ثبت على زيد ، فهذا القائل يجري حسب هذه النظرة ، وهذه النظرة وإن كانت كاذبة بحسب