العلم ومتعلق الاعتبار في الاعتبار ، وأمّا ما يحاكيه في الخارج ويماثله فيسمّى بالمعلوم بالعرض ، والمحبوب بالعرض ، والمعتبر بالعرض ، بمعنى أن هذا المعلوم بالعرض ليس هو متعلق الحب حقيقة ، ولا للاعتبار حقيقة ، وإنما هو أمر يماثل ما تعلّق به الحب والاعتبار.
وبهذا يتبرهن على أن المعتبر بالذات دائما موجود في أفق نفس الاعتبار ، ويستحيل أن يكون موجودا خارج أفق نفس الاعتبار لما تقدّم من أن الاعتبار من صفات ذات الإضافة ، والإضافة صفة ثابتة في مرتبة ذاتها ، وثبوتها هكذا مساوق لثبوت المضاف إليه.
وعليه فيستحيل أن يكون المعتبر بالذات ثابتا وراء أفق الاعتبار.
وهذا بخلاف المعتبر بالعرض ، فإنه ليس معتبر حقيقة ، وإنما يسمّى معتبر بالعرض ، بمعنى أنه هو المحكي عنه ، والمرئي ، والمشابه للصورة الذهنية ، لوضوح أن الصور الذهنية المقوّمة للحب في أفقه ، وللاعتبار في أفقه ، هذه الصور ، إنما يلحظها المحب ، والعالم ، والمعتبر ، باعتبار حكايتها للخارج ، ومرآتيتها للخارج ، حيث لا يرى بها إلّا الخارج ، وإن كان في الواقع لا يرى الخارج ، وإنما يراها هي ، ولكن بالنظر الإفنائي يرى بها الخارج ، فذاك الخارج بالنظرة الإفنائية المسامحية كأنه هو المحبوب ، والمعلوم ، والمعتبر ، وإن كان بالنظرة التدقيقيّة هو مطابق للمحبوب ، لا نفسه هو المحبوب ، وكذلك للمعلوم والمعتبر ، لا إنّه هو المعلوم والمعتبر.
وعلى ضوء هذا لا يعقل القول بأن المعتبر يكون موجودا في عالم فعلية الاستطاعة ، وتكون نسبته إلى الاعتبارية نسبة المعتبر إلى الاعتبار ، وإن كانت نسبة المجعول في وجوب الحج على المستطيع عند الاستطاعة ، نسبة المسبّب إلى السبب ، والمقتضى إلى مقتضيه ، فقد تقدمت الإشارة إلى عدم صحة ذلك أيضا ، لأن هذا المسبّب إمّا أن يدّعى أنه موجود خارجي أو موجود نفساني ، وكلاهما باطل.