فعل الغير ، وصدور الفعل من الغير باختياره ، وليس كل شوق إلى فعل الغير باختياره يسمّى إرادة تشريعية ، كما أنه ليس كل شوق من الإنسان إلى فعل نفسه يسمّى إرادة. وكما أن الشوق المتعلّق بنفس فعل الإنسان ، لا يسمّى إرادة تكوينية ، إلّا إذا وصل إلى درجة تكون كافية لتحريك عضلات الإنسان ، فكذلك الإرادة التشريعية ، أو الشوق التشريعي المتعلّق بفعل الغير ، لا يسمّى إرادة ، ولا يبلغ درجة الإرادة التشريعية ، إلّا إذا وصل إلى مرتبة بحيث يحرك عضلات المولى المشتاق.
وهنا عند ما كان المولى يشتاق إلى صدور الفعل من الغير باختياره ، كان لا بدّ من معرفة موقف عضلات المولى من هذه الناحية ، والشيء الوحيد المعقول من المولى هو : أن تتحرك عضلاته نحو التحريك إلى المشتاق إليه ، إذن فالشوق نحو صدور الفعل من الغير باختياره ، هو شوق لا يكون إرادة إلّا إذا ترشّح من شوق تكويني متعلق بتحرك عضلات نفس المولى نحو أن يبعث إلى المشتاق إليه المكلّف ، فمتى ما بلغ شوق المولى إلى صدور الصلاة من المكلّف إلى درجة بحيث يترشح منه شوق تكويني إلى أن يطلب الصلاة من المكلّف ، حينئذ يطلق على الشوق نحو الصلاة بأنه إرادة تكوينية. وأمّا إذا كان شوقه إلى الصلاة موجودا ، لكن لم يكن بدرجة بحيث يترشح منه شوق تكويني محركا لعضلات المولى ، نحو أن يبعث العبد ، ويحركه نحو المقصود ، فلا يكون هذا الشوق إرادة تشريعية.
وهذا معناه ، أن قوام صيرورة الشيء إرادة تشريعية ، وهو بأن يترشح منه شوق تكويني ، نحو تحريك عضلات المولى إلى أن يحرك ويبعث العبد ، فإيجاد الباعث في نفس المكلف نحو الفعل من قبل المولى ، شرط أساسي في تحقق الإرادة التشريعية من قبل المولى.
ومن الواضح ، أن المقصود من إيجاد الباعث من المولى للمكلّف نحو الفعل ، ليس هو الباعث الفعلي ، لوضوح «المضايفة» بين الباعثية والانبعاث ، فلو فرض أن الباعث كان فعليا ، للزم منه كون الانبعاث فعليا أيضا ، فلو كان