بهذين الوجهين فانّهما يهدمان جميع كلماته ويشوّشان كلّ شبهاته» (١).
إلّا أنّ الجواب عنهما واضح مشهور وفي أصول الاماميّة مسطور وقد أشرنا إليه فيما تقدّم عند تفسير آية الختم وغيرها ، وأمّا الاستدلال بها على التجسّم بظهور الرّجوع إليه في التّحيز ، وعلى بطلان عذاب القبر بحمل قوله (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) على الحياة الاخروية ، كما هو أحد الوجهين فضعيف جدّا للمنع عن الظهور إذ المراد الرجوع إلى أمره وحكمه ولذا يسمّى الحشر رجوعا إليه تعالى كما قال : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) (٢) وذلك لأنّه رجوع إلى حيث لا يتوّلى الأمر والحكم غيره تعالى ولذا قال : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) (٣) ، (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) (٤) ، (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (٥) ، (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٦).
وأمّا نفي عذاب القبر فليس فيها إشعار عليه بشيء من الدّلالات إلّا من جهة عدم التعرض الذي هو أعمّ منه.
مع أنّ فيه دلالة على الحياة البرزخيّة كما هو الوجه الأظهر فيها ، مضافا إلى أنّه هو المصرّح به في تفسير الامام عليهالسلام للآية حيث قال عليهالسلام : أنّه قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لكفّار قريش ، واليهود كيف تكفرون بالله الّذي دلّكم على طرق الهدى وجنّبكم إن أطعتموه سبل الردى (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) في أصلاب آبائكم وأرحام أمّهاتكم
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ١ ص ١٥١.
(٢) الانعام : ٦٢.
(٣) الغاشية : ٢٥.
(٤) ق : ٤٣.
(٥) الشورى : ٥٣.
(٦) الانفطار : ١٩.