فهو مبنيّ على مقدّمات واصول لا يخلو بعضها عن ضرب من الحدس والتخمين على ما أشرنا إليه سابقا.
لكن القدر المعلوم من ملاحظة أخبار الباب كقول الصادق عليهالسلام : انّ الصّورة الانسانيّة هي مجموع صور العالمين وهي المختصر من العلوم في اللّوح المحفوظ (١) وقول العالم عليهالسلام : خلق الله عالمين فعالم علوي وعالم سفلي وركّب العالمين جميعا في ابن آدم (٢) والشعر المنسوب إلى مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام :
أتزعم انك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
إلى غير ذلك ممّا مرّت إليه الإشارة في تفسير الفاتحة (٣).
هو انّ الإنسان جامع بجمعيّته الكونيّة لجميع النشئات الكليّة ، محتو على روحانيات العوالم الملكيّة والملكوتيّة ، مطرح لاشعّة نجوم الدّراري العلوية وقوى الأجسام السّفليّة ، ولذا استعدّ بكينونتها لإدراك ما فيها والتخلق باخلاقها.
قال مولانا أمير المؤمنين في الخطبة المذكورة في النّهج : ثمّ جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها ، وعذبها وسبخها تربة سنّها بالماء حتّى خلصت ، ولاطها بالبلّة حتّى لزبت ، فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول ، وأعضاء وفصول ، أجمدها حتّى استمسكت ، وأصلدها حتّى صلصلت ، لوقت معدود وأجل معلوم ، ثمّ نفخ فيها من روحه ، فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها ، وفكر يتصرّف بها ، وجوارح يختدمها ، وأدوات يقلّبها ، ومعرفة يفرق بها بين الحقّ والباطل ، والأذواق والمشامّ
__________________
(١) شرح الأسماء الحسنى ج ١ ص ١٢.
(٢) الاختصاص ص ١٤٢.
(٣) تفسير الصراط المستقيم ج ٣ ص ٤١٢.