قال عليهالسلام : وكان ذلك من آدم قبل النبوّة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحقّ به دخول النّار وانّما كان من الصغائر الموهوبة الّتي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم فلمّا اجتباه الله وجعله نبيّا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة قال الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) (١) وقال عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ) الآية (٢).
أقول : ويظهر من الخبرين صحّة الاستدلال بالآيتين ايضا إلّا أنّ الظاهر ورودهما مورد التقيّة لاشتمالهما على ما علم فساده من ضرورة مذهب الاماميّة من جواز ارتكاب الذّنب قبل النبوّة ، اللهمّ إلّا أن يؤوّل بترك الأولى ، أو يقال : إنّ رفع اليد عن بعض الخبر لتقيّة او غيرها لا يوجب رفع اليد عن غيره ، ولذا قال الاصوليون : انّه كالعام المخصّص حجّة فيما بقي منه بعد التخصيص.
واحتمال أنّ المراد بما في الخبرين كونه حجّة في الأرض بعد التوبة فلا ينافي كونه حجّة في السّماء أو على الملائكة قبل الهبوط ، مدفوع ، لمخالفته لظاهر الخبرين سيّما الثّاني.
وفي تفسير الامام عليهالسلام قال الله عزوجل : يا آدم أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم اسماء الأنبياء والأئمّة قال عليهالسلام : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فعرفوها أخذ عليهم لهم العهد والميثاق بالإيمان بهم والتفضيل لهم على أنفسهم قال الله تبارك وتعالى عند ذلك : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، سرّهما (وَأَعْلَمُ ما
__________________
(١) طه : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٢) بحار الأنوار : ج ١١ ص ٧٨ عن العيون.