علموها بواسطة آدم عليهالسلام وهو المراد بالفضيلة مدفوع بأنّ الملائكة هم الرسل إلى الأنبياء وهم الملقيات ذكرا عذرا أو نذرا فهم الوسائط في العلوم الإلهية الواصلة إلى البشر.
والجواب انّه قد مرّت الإشارة إلى أنّ هذا التعليم كان تكوينيّا مختصا بآدم دون الملائكة الّذين ليس في طبيعتهم وجبلّتهم خلط وتركيب بل هم وحدانيّة الصّفة فردانيّة القوّة لا يفعل كلّ صنف منهم إلّا فعلا واحدا وما منهم إلّا لهم مقام معلوم ، فإنّى لهم الاحاطة بجميع العوالم والعلوم ، فإنّ مثالهم مثال القوى البسيطة كالحواس حيث انّ البصر لا يزاحم السمع في مدركاته وهي الأصوات ولا السمع البصر في المرئيّات ولا هما يزاحمان الشّم ولا الذّوق ولا شيء منهما يزاحم شيئا من الأوّلين وأمّا آدم فكان صفوة العالم وقد خلقه الله تعالى من أجزاء مختلفة وقوى متباينة حتّى استعدّ بذلك لإدراك انواع المدركات من المحسوسات والمعقولات والتمييز بينها والحكم عليها بما يليق بها والتوسط في الفيوض الواصلة إليها والعبور عنها جميعا إلى مركزه الاصلي وعالمه الكلّي فصلح بذلك لتحمّل أعباء الخلافة في جميع النشآت والعوالم فجعله الله مستودعا لأنوار علمه وحكمته ومعرفته وأودع فيه أنوار النّبي محمد واهل بيته الطّاهرين وغيرهم من الأنبياء والمرسلين صلى الله عليهم أجمعين ، ولذا كان آدم مخصوصا بمعرفة الأسماء كلّها والملائكة لا علم لهم إلّا بما علّمهم ربّهم من خصوصيّات جهات كينوناتهم ، ثمّ ان الله سبحانه قد نبّه على ما أراد التنبيه عليه من شرف آدم وفضله عليهم بان علّمه اوّلا بلا واسطة احد منهم ثمّ أمرهم بالرّجوع إليه في اقتباس العلوم واقتناص المعارف فله الفضل عليهم من