حيث التقدّم في المعرفة وتعليمه لهم وكون علمه الّذي هو أشرف الفيوض الالهيّة والمنح الرّبانيّة مفاضا عليهم بلا واسطة أصلا وعلومهم متأخّرا مع الواسطة ، فنبّه بذلك على عدم تأهّلهم لأخذ تلك العلوم إلّا بواسطته عليهالسلام ، ثمّ انّه يمكن أن يكون المراد هو التّنبيه على تفرّده بعلم الغيوب واحاطته بجهات المصالح والحكم وذلك انّه أمرهم بالاخبار عن الأسماء الّتي لا يعرفونها كي يعترفوا بالعجز ويقرّوا بقصورهم عن نيل معرفتها فينبّههم على انّهم إذا لم يعرفوا ذلك ولم يعلموا باطن ما شاهدوا فهم من أن يعلموا باطن ما غاب عنهم أبعد ، ومن أن يحيطوا علما بمصالح جعل الخليقة واسرار الخليقة أعجز.
وعلى هذا فمعظم المقصود هو التنبيه على تفرّده بعلم المصالح ، وانّه يجب على كافّة العبيد الإذعان والتسليم لأمره ، وان استفيد منه ايضا ولو على جهة الاستتباع شرافة آدم وفضله عليهم.
ومنها : انّه تعالى كيف أمر الملائكة أن يخبروا بما لا يعلمون مع انّ من شرايط التكليف القدرة على الامتثال ومن البيّن انتفاؤها في المقام.
فان قلت : إنّ الممتنع هو التكليف المنجّز لاستحالة الطلب حينئذ وقبح التكليف بما لا يطاق ، وأمّا المشروط فلا بأس به ما لم يتنجّز التكليف ، وانّما القدرة شرط التّنجيز ، وهو في المقام مشروط بكونهم صادقين فيما ادّعوه ، وحيث لم يتحقّق الشرط لم يتحقّق المشروط.
قلت : لم يظهر وجه لارتباط الأمر بالإنباء بهذا الشرط الّذي هو صدقهم ، وما المراد بهذا الصدق المنتفي في حقّهم؟ وما الّذي ادّعت الملائكة حتّى خوطبوا بهذا