الخطاب؟
والجواب انّ الشرط هو علمهم بما سئلوا عنه فالمراد بالصدق صدقهم فيما ادّعوه من العلم بالصّراحة او بالالتزام حسبما مرّ أو صدقهم في الخبر الّذي كلّفوا بالاخبار عنه وذلك بعلمهم بالصدق ، ولا يكون إلّا بالعلم بالمخبر عنه فكأنّه قال لهم : أخبروا بذلك إن علمتموه ومتى رجعوا إلى نفوسهم فلم يعلموا فلا تكليف عليهم ، وهذا كما يقول القائل لغيره : أخبرني بذلك ان كنت تعلمه ، أو ان كنت تعلم انّك صادق فيما تخبر به عنه ، وبالجملة فالامر مشروط بالعلم المنتفي في حقّهم فلا تكليف ، وبهذا قد ظهر المراد بالصدق وارتباط الأمر بالانباء به.
وأمّا فائدة الأمر حينئذ على وجه الاشتراط مع علمه سبحانه بانّهم لا يتمكّنون من ذلك لفقد علمهم به فالوجه فيها هو أن يكشف بإقرارهم على أنفسهم بالجهل واعترافهم بعدم تمكنهم من الاخبار بالأسماء ما أراد الله سبحانه بيانه من استتاره بعلم الغيب وانفراده بالاطّلاع على وجوه المصالح في الدّين.
وقد أجاب السيّد المرتضى رضى الله عنه عن اصل الأشكال بوجه أخر وهو انّ الأمر وان كان أمرا بصورته وظاهره إلّا أنّه ليس بأمر في الحقيقة بل المراد به التقرير والتنبيه على مكان الحجّة قال : وتلخيصه انّ الله تعالى لمّا قال للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فقال لهم : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) أي انّي مطلع من مصالحكم وما هو انفع لكم في دينكم على ما لا تطّلعون عليه ، ثمّ أراد التّنبيه على أنّه لا يمتنع ان يكون غير الملائكة مع انّها تسبّح وتقدّس وتطيع ولا تعصي أولى