بالحال ، ضرورة انّ طلب المحال محال والجواب :
أنّ مدار الجواز على حصول الفائدة الّتي بها يخرج الفعل عن العبث ، ومن البيّن انّ الفائدة غير منحصرة في التوطين ، بل ربما يكون المقصود اقرار المخاطب بالعجز والقصور كما في المقام ، وهو غرض صحيح يتعلّق به أمور مقصودة ، ومن هنا يتّجه ان يقال إنّه وان نسب إلى أصحابنا القول بعدم جواز التعليق من العالم بالنسبة إلى العالم إلّا أنّ كلامهم مقصور على ما انتفت فيه الفائدة كما ينادى به دليلهم ، وامّا مع تحقّقها فمذهبهم فيه هو الجواز ، فالنّزاع معهم صغروي في وجود الفائدة وعدمها لا كبروي في الجواز على فرضها ، وعليه ينزل كلام السيّد أيضا في المسألة الأصوليّة فيرتفع التنافي بين الكلامين على أنّ كلامه في المقام لبيان الجواب عن الأشكال ولو على مذاق غيره ، وقد ظهر ممّا قرّرناه جواز تعلّق الأمر على كلّ من الوجهين بلا فرق بين تعلّق القصد على وجه التّعليق وعدمه ، بل قد سمعت فيما مرّ انّه يحتمل أن يكون الأمر مطلقا بسبب تحقّق الشّرط وهو صدقهم فيما نسبوه إلى ذرّيّة آدم أو أضافوه إلى أنفسهم على ما مرّت الإشارة إليها.
ونزيد في المقام وجها ثالثا وهو : أن يكون الشرط صدقهم في الخبر اي علمهم بما يخبرون عنه على ما حقّقناه سابقا فيكون الحاصل تنجّز التكليف بالاخبار بشرط القدرة الّتي إليها مرجع العلم أيضا ، ومن البيّن انّه مقدور لهم بواسطة التّعلّم من آدم والرّجوع إليه ، ولذا أمر سبحانه آدم بتعليمهم تحقيقا للاستطاعة وازاحة للعلّة وابانة للفضيلة ، وهذا جواب أخر عن اصل الأشكال والله أعلم بحقيقة الحال.