ومنها ما أورده السيّد رضى الله قال : ولم نجد أحدا ممّن تكلّم في تفسير القرآن ولا في متشابهه ومشكله تعرّض له وهو من مهم ما يسأل عنه ، وذلك أن يقال من اين علمت الملائكة لما خبّرها آدم عليهالسلام بتلك الأسماء صحة قوله ومطابقة الأسماء للمسمّيات ، وهي لم تكن عالمة بذلك من قبل ، إذ لو كانت الملائكة عالمة بالأسماء لأخبرت بالأسماء ولم تعترف بفقد العلم ، والكلام يقتضي انّهم لما أنبأهم آدم بالأسماء علموا صحّتها ومطابقتها للمسمّيات ولو لا ذلك لم يكن لقوله : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) معنى ولا كانوا مستفيدين بذلك نبوته وتميزه واختصاصه بما ليس لهم إذ كلّ ذلك إنّما يتمّ مع العلم دون غيره ثمّ أجاب عنه : بأنّه غير ممتنع من أن تكون الملائكة في الأوّل غير عارفين بتلك الأسماء فلمّا أنبأهم آدم عليهالسلام بها فعل الله تعالى لهم في الحال العلم الضّروري بصحّتها ومطابقتها للمسمّيات إمّا عن طريق أو ابتداء بلا طريق ، فعلموا بذلك تميزه واختصاصه وليس لأحد أن يقول : انّ ذلك يؤدّي إلى أنّهم علموا نبوّته اضطرارا ، وفي هذا منافاة طريقة التكليف وذلك انّه ليس في علمهم بصحّة ما أخبر به ضرورة ممّا يقتضي العلم بالنّبوة ضرورة ، بل بعده درجات ومراتب لا بّد من الاستدلال عليها ، ويجري هذا مجرى ان يخبر أحدنا نبي ، بما فعل على سبيل التفصيل على وجه يخرق العادة ، وهو وان كان عالما بصدق خبره ضرورة لا بدّ له من الاستدلال فيما بعد على نبوّته ، لأنّ علمه بصدق خبره ليس هو العلم بنبوّته لكنّه طريق يوصل إليها على ترتيب.
ووجه آخر وهو انّه لا يمتنع أن تكون للملائكة لغات مختلفة فكلّ قبيل منهم