الجهات الّذي لم يساق الكلام للتنبيه عليها.
وبانّه إنّما اخّر ذكر الملائكة عن ذكر المسيح لأنّ جميع الملائكة اكثر ثوابا لا محالة من المسيح منفردا وهذا لا يدلّ على تفضيل كلّ منهم على المسيح ، وهو كما ترى.
وأمّا ما يجاب به أيضا من تسليم فضل الملائكة على المسيح وان كان نبيّنا صلىاللهعليهوآله مفضّلا عليهم كلّهم نظرا إلى أنّ المقصود اثبات القضيّة الجزئيّة فضعيف جدّا.
ومنها قوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (١) حيث خصّهم بالذكر بعد التّعميم الشامل للأنبياء وغيرهم ، ووصفهم بالاستكانة والتّواضع ودوام الامتثال والخوف وترك المخالفة على وجه الإطلاق ، وفيه اشارة إلى أنّ غيرهم ليس كذلك ، وانّ اسباب التكبر والتّعظم حاصلة لهم.
على انّه يستفاد منه الاحتجاج بعدم استكبارهم على أنّ غيرهم وجب أن لا يستكبر ، ولو كان البشر أفضل منهم لما تمّ هذا الاحتجاج ألا ترى أنّ السلطان إذا أراد أن يقرّر على رعيّته وجوب طاعتهم له يقول : الملوك لا يستكبرون عن طاعتي ولا يحسن منه ان يحتج عليهم بطاعة الضّعفاء والمساكين له.
والجواب أنّ الآية إنّما تدلّ على الفضيلة لا الأفضليّة ، وفائدة التخصيص بعد التعميم التنبيه على حالهم تمهيدا لردّ من زعم من مشركي مكّة انّهم بنات الله ، ولذا
__________________
(١) النحل : ٤٩.