عيب وريب ، لأنّ بيعة الخليفة وقت المشاهدة قد يتوهّم على المبايع أنّه انّما يطيع رغبة في خير أو مال أو رهبة من قتل او غير ذلك ، ممّا هو عادات أبناء الدنيا في طاعة ملوكهم ، وايمان الغيب مأمون من ذلك كلّه ، ومحروس من معايبه بأصله.
ويدلّ على ذلك قول الله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) (١) ، فلما حصل للتعبّد ما حصل من الايمان لم يحرم الله عزوجل ذلك لملائكته ، فقد جاء في الخبر انّ الله سبحانه قال هذه المقالة للملائكة قبل خلق آدم بسبعمائة عام ، وكان يحصل في هذه المدّة الطاعة لملائكة الله على قدرها.
ولو أنكر منكر هذا الخبر والوقت والأعوام لم يجد بدّا من القول بالغيبة ولو ساعة واحدة ، والساعة الواحدة لا تتعرّى من حكمة مّا ، وما حصل من الحكمة في الساعة حصل في الساعتين حكمتان ، وفي الساعات حكم وما زاد في الوقت إلّا زاد في المثوبة ، وما زاد في المثوبة إلّا كشف الله عن الرحمة ، ودل على الجلالة فصح الخبر ان فيه تأييد الحكمة وتبليغ الحجّة.
ثمّ انّ الغيبة قبل الوجود أبلغ الغيبات كلّها ، وذلك انّ الملائكة ما شهدوا قبل ذلك خليفة قطّ ، وامّا نحن فقد شاهدنا خلفاء كثيرين غير واحد ، وقد نطق به القرآن ، وتواترت به الأخبار حتّى صارت كالمشاهدة ، والملائكة لم يعهدوا واحدا منهم فكانت تلك الغيبة ابلغ ، وايضا انّها كانت غيبة من الله عزوجل لملائكته ، وهذه الغيبة الّتي للإمام عليهالسلام هي من اعداء الله ، فإذا كان في الغيبة الّتي هي من الله عزوجل عبادة
__________________
(١) المؤمن : ٨٤.