يشاركهم في الحقيقة وفي الايمان الحقيقي.
وبالتأمّل في فحاويها يظهر الجواب عن الأدلّة المتقدّمة لضعف الأوّل بأنّه لمّا نشأ معهم وطالت خلطته بهم تناوله الخطاب المتوجه إليهم مضافا إلى ما مرّت الإشارة إليه من كون التغليب في الحكاية لا الخطاب ، وانّما كان الافهام بالإلهام او بخصوص خلق الكلام ويؤيّده قوله : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (١).
والثّاني : بكون الاستثناء منقطعا او مبنيّا على التغليب في المستثنى منه ولو بمعونة الأخبار المتقدّمة وغيرها ممّا يفيد القطع بالمطلوب فلا يقدح مخالفتهما للظّاهر سيّما مع اقترانه بقوله (كانَ مِنَ الْجِنِ) الّذي هو كالقرنية المتّصلة على ما ستسمع.
الثالث : بانّ اطلاق الملك عليه في الخطبة مبنيّ على كونه معهم في العبادة ومنهم بحسب الولاء وفي زعمهم على ما أشير اليه في الاخبار المتقدّمة ، وأمّا ما أرسله في «التبيان» فلم نجد منه أثرا في الأخبار ، وعلى فرضه يجب تأويله كما يؤوّل الضعيف العامي المرويّ في البحار عن كتاب «غور الأمور» للترمذي عن النّبي صلىاللهعليهوآله في خبر ظهور إبليس ليحيى النبي على نبيّنا وآله وعليهالسلام وفيه انّه قال له يحيى عليهالسلام ما بال خلقك وصورتك على ما ارى من القبح والتقليب والإنكار؟ قال : يا نبيّ الله هذا بسبب أبيك آدم إنّي كنت من الملائكة المكرمين وانّي لم ارفع رأسي من سجدة واحدة اربعمائة ألف سنة وعصيت ربّي في امر سجودي لآدم أبيك فغضب الله عليّ ولعنني ، فحوّلت من صورة الملائكة إلى صورة الشياطين ولم يكن في
__________________
(١) الأعراف : ١٢.