فخمدت ، فارتفع من خمودها دخان ، فخلق الله السماوات من ذلك الدخان ، وخلق الأرض من الرماد ، آه (١).
وربما يستشكل هذا الوجه مرة بأنّ الأرض جسم عظيم فامتنع انفكاك خلقها عن التدحية ، فإذا كانت التدحية متأخرة عن خلق السماء ، كان خلقها أيضا متأخرا عن خلق السماء ، وأخرى بأنّ الآية في المقام دلت على أنّ خلق الأرض وخلق كلّ ما فيها متقدم على خلق السماء ، وخلق الأشياء في الأرض لا يكون إلّا بعد ما كانت مدحوّة فدلت على تقدم كونها مدحوة فالتناقض بحاله.
ويضعف الاول بوضوح عدم امتناع انفكاك خلقها عن التدحية سيما بعد ما دلت عليه الاخبار الكثيرة حسب ما سمعت شطرا منها.
والمناقشة في اطلاق خلق الأرض على إيجادها غير مدحوّة لا ينبغي الإصغاء إليها بعد ما سمعت من الآية والرواية.
والثاني بأن تقدم خلق ما في الأرض لا يستلزم تقدم دحوها ضرورة أنّه ليس المراد بالموصولة خصوص ما يتجدد فيها من أفراد النبات والثمار والحيوان وضروب الانتفاعات الجزئية ، فإنها متأخرة عن الجميع كائنة فاسدة بمر الدهور والازمنة ، بل المراد بها أصول أسبابها القابلة الاستعدادية التي كانت قائمة بسنخ الأرض ونوعها بل بالأرض التي كانت كالطينة والخميرة للأرض المدحية ، ولذا عبر بالدّحو الذي هو مجرد البسط والسعة ، وبالجملة فالجواب المذكور بمكان من الصحة والقبول.
نعم ربما يجاب عن أصل الإشكال بوجوه أخر أيضا : منها أنّ كلمة «ثم» في آيتي البقرة والسجدة لتفاوت ما بين الخلقين وفضل خلق السماء على خلق الأرض
__________________
(١) روضة الكافي ص ٩٥ ح ٦٨ وعنه البحار ج ٥٧ ص ٩٨ ح ٨٣.