المعروض عليها يوم تقوم الساعة نار الآخرة ، وقد اتّفق القرّاء على الوقف على تقوم الساعة ، ويلزم منه اتّحاد النّار المعروض عليها ، وهذا ظاهر فانّ جنّة الدنيا تنزّل جنّة الآخرة ، ونار الدّنيا تنزل نار الآخرة كما أنّ أجسام الدّنيا تنزّل أجسام الآخرة فتصفى أجسام الدّنيا وتكون بعينها أجسام الآخرة كذلك تصفى جنة الدنيا وتكون بعينها جنّة الآخرة وتصفى نار الدنيا الّتي عند مطلع الشّمس وتكون بعينها نار الآخرة لأنّ الله سبحانه قد تبيّن لنا آية ذلك ، بل آية كلّ شيء في أنفسنا فقال : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) (١) وايضا قال الله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٢) ، إلى قوله : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) (٣) ، والمعنى ومن دون جنّتي الآخرة أي من قبلهما ومن دونهما اي من أنزل منهما جنّتان في الدنيا إذا ماتوا تأوي إليهما أرواحهم وهما الآن في المغرب في الإقليم الثّامن ، والفرات والنيل وسيحان وجيحان تجرى من الجنتين اللّتين في المغرب وهما المدهامّتان.
وفي حديث أمير المؤمنين عليهالسلام ما يدلّ على أنّهما في الدّنيا وهو قوله عليهالسلام في الرجعة : وعند ذلك تظهر الجنّتان المدهامّتان عند مسجد الكوفة وما وراء ذلك بما شاء الله تعالى (٤).
والرجعة من الدّنيا وظهورهما في الدنيا دليل على انّهما اي المدهامّتان من
__________________
(١) فصّلت : ٥٣.
(٢) الرحمن : ٤٦.
(٣) الرحمن : ٦٢ ـ ٦٣.
(٤) بحار الأنوار : ج ٥٣ ص ٤٣ ح ١٢ عن الاختصاص.