جنان الدنيا وجنّة آدم عليهالسلام هي من جنان الدنيا فيها البكرة والعشيّ ، وهي المدهامّتان ، فقد ظهر لمن نظر أنّ جنّة آدم الّتي أخرج منها هو وزوجته حواء هي من جنان الدنيا وهي الجنتان المدهامّتان ، وانّها موجودة الآن ، وانّها هي بعينها جنّة الآخرة إلّا أنّها تصفّى بمعنى انّها تطهر من أعراض البرزخيّة سبعين مرّة فتكون هي بعد التّطهير جنّة الخلد ، كما أنّ أجساد المؤمنين تطهر في الدّنيا للبرزخ ، وفي البرزخ للاخرة ، لأنّها تطهر من أعراض الدّنيا سبعين مرّة فتكون أخرويّة ، فما بين الدنيا والآخرة في كلّ ما في الدنيا من الأحوال والنعيم والعذاب أربعة آلاف رتبة وتسعمائة رتبة إلى آخر ما ذكره رحمهالله.
وهو وإن أجاد فيما أفاد إلّا أنّه يتوجّه على كلامه وجوه من الإيراد : مثل ما ذكره من أنّ جنّة الدّنيا خلقت بعد خلق الأجسام فإنّ مقتضى قواعدهم بل فحاوي بعض الأخبار ايضا كونها مخلوقة قبل خلق الأجسام ، وأنّ جنّة الدنيا هي بعينها جنّة الآخرة بل صرّح فيما بعد بانّ جنّة الدّنيا أعني جنّة آدم عليهالسلام لا يبقى إلى يوم القيمة بل تفنى عند نفخة الصور ، وفيه أنّ الدليل عليه غير واضح ، بل قضيّة ترتّب العوالم وكون النقلة منها وإليها بقاؤها على ما عليها سيّما بعد ملاحظة ما ورد من أنّه تعالى ينشئ خلقا آخر بعد فناء هذا الخلق ، وانّه تعالى قد خلق ألف ألف آدم ونحن في أواخرهم ، والاستدلال بالآية الأولى لا بأس به على بعض الوجوه ، وامّا الاستدلال بالثانية فغريب جدّا ، وأغرب منه دعوى الاتفاق على الوقف على «تقوم الساعة» ، فانّ ظاهر المفسّرين بل صريح بعضهم أنّ قوله : «يوم تقوم» ظرف للفعل المتأخر ، وهو «ادخلوا» ولذا فسّره في «الكشاف» بقوله : فإذا قامت الساعة قيل