يقول أقواتها وأهلها في أربعة أيام سواء للسائلين يقول من سال فهكذا الأمر (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) (١) فكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين في الخميس والجمعة وانما سمي يوم الجمعة لأنّه جمع فيه خلق السموات والأرض (٢) الخبر وهذا الخبر ظاهر في الوجه المتقدم وان خلق السماء كان أولا على وجه الدخانية ثم بعد خلق الأرض وأقواتها جعلها سماء واحدة ثم جعلها سبع سموات.
ومنها : أن لا يكون معنى دحيها مجرد البسط بل يكون المراد أنّه بسطها بسط مهيأ لنبات الأقوات ويؤيده قوله مبينا للدحو المذكور (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) (٣) ، وذلك لان الاستعداد لا يحصل للأرض إلّا بعد وجود السماء فان الأرض كالام والسماء كالأب ، وما لم يحصلا لم تتولد المواليد التي هي المعادن والنباتات والحيوانات.
ومنها : أن الأرض مقدمة في الخلقة ويدفع المنافات المذكورة باعتبار الآية الثالثة بان الفاء في قوله : (فَسَوَّاها) بمعنى ثم أو لمطلق الترتب والمشار إليه بذلك في قوله : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٤) وهو بناء السماء وخلقها لا مجموع ما ذكر قبله حتى تسويتها ، فيجوز معه تأخر التسوية عن التدحية.
ومنها : أنّ قوله (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) يقتضي تقدم خلق السماء على دحو الأرض ولا يقتضي تقدم تسوية السماء على دحو الأرض فجاز تأخر التسوية عن الدحو فيكون خلق الأرض قبل خلق السماء وخلق السماء قبل الدحو والدحو
__________________
(١) فصلت : ١١.
(٢) الدر المنثور ج ١ ص ٤٣ وعنه البحار ج ٥٧ ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ح ١٥٢.
(٣) النازعات : ٣١.
(٤) النازعات : ٣١.