قبل تسوية السماء.
وفيه نظر واضح لدلالة آية الدحو على تأخره عن تسوية السماء إلّا أن يرفع التنافي بشيء من الوجوه المتقدمة أو الآتية فيرجع إليه.
ومنها : ما يحكى عن مقاتل أنه قال : خلق الله السماء قبل الأرض وقبل دحوها وخلق أرزاقها وأمّا قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) فمعناه ثم كان قد استوى وهي دخان قبل أن يخلق الأرض فأضمر فيه كان كما في قوله تعالى (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) (١) ، معناه أن يكن سرق.
ومنها : أن تكون دحيها جملة مستأنفة وتنصب الأرض بفعل مقدر دل عليه (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً) (٢) مثل تعرف الأرض واذكرها وتدبر أمرها بعد ذلك وهو كما ترى.
ومنها : أن يضمر الفعل على شريطة التفسير كما هو الظاهر ويكون ذلك إشارة إلى المذكور سابقا فالمشار إليه ذكر خلق السماء لا خلقها نفسه للدلالة على أنّه قاصر في الدلالة عن الاول لكنه تتميم كما تقول جملا ثم تقول بعد ذلك كيت وكيت ومثله شايع في الاستعمال.
ومنها : ما ذكره الشيخ الأمجد الاحسائي طاب ثراه حيث سئل عن ذلك فأجاب بأنّه تعالى لما رمق الماء بعين الهيبة فذاب وزبد وارتفع دخانه وكان الزبد والدخان فصعد الدخان وكان الدخان قد أخذ في الصعود لطيفة قبل بدء الزبد وارتفع أخره عند انتهاء الزبد خلق الأرض وأقواتها من الزبد في أربعة أيام ثم توجه وجه المشية إلى الدخان به الصاعد فخلق من وسطه فلك الشمس وذلك لاستوائه في اللطافة والغلظ وخلق فلك القمر وفلك زحل وفلك عطارد وفلك المشتري
__________________
(١) يوسف : ٧٧.
(٢) الصافات : ١١.