الأعلام فعلمت الأعلام على ضوئها فجعله الله عزوجل حرما (١).
ويمكن ايضا أن يكون أوّل هبوطه بمكة ثمّ بالهند أو بالعكس كقوله : (اهْبِطُوا مِصْراً) (٢) ، لكن ما ذكرناه أظهر ، ويؤيّده ما ذكره الرازي من انّه روى في الأخبار أنّ آدم عليهالسلام أهبط بالهند ، وحوّاء بجدّة وإبليس بموضع من البصرة على أميال ، والحية بإصفهان (٣).
حيث إنّ ظاهر اقتصاره عليه انّ اخبارهم تدلّ على هبوطه بالهند ، وهذا ممّا يؤيّد الحمل على التقيّة ، ولا ينافيه ما ورد من أنّ رائحة ما كان معهما من الورقة او المشط عبقت بالهند ، إذ قد يكون ذلك بواسطة عصف الّرياح.
ولعلّه يومئ اليه ما ورد في «الكافي» عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا أهبط آدم عليهالسلام طفق يخصف من ورق الجنّة ، وطار عنه لباسه الّذي كان عليه من حلل الجنّة ، فالتقط ورقة فستر بها عورته ، فلما هبط عبقت رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت فصار في الأرض من سبب تلك الورقة الّتي عبقت بها رائحة الجنّة ، فمن هناك الطيب بالهند لأنّ الورقة هبّت عليها ريح الجنوب فأدّت رائحتها إلى المغرب ، لأنّها احتملت رائحة الورقة في الجو ، فلمّا ركدت الرّيح بالهند علق.
وفي بعض النسخ : عبق بأشجارهم ونبتهم ، فكان اوّل بهيمة ارتعت من تلك
__________________
(١) علل الشرائع ص ٤٢٢ ح ٤ والعيون ج ١ ص ٨٥.
(٢) البقرة : ٦١.
(٣) تفسير الرازي : ج ٣ ص ٣٧.