باعتبار التغليب لسبق خلق الأرواح الّتي ركّب فيها العقل والإدراك او غير ذلك ممّا مرّ في المقدّمات ، ويؤيّده قول الإمام عليهالسلام في تفسير قوله : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) ، يأتيكم وأولادكم من بعدكم منّي هدى يا آدم ويا إبليس (١).
أو لأنّهما لما أتيا بالزّلة أمرا بالهبوط فتابا بعد الأمر بالهبوط ، ووقع في قلبهما أنّ الأمر بالهبوط لمّا كان بسبب الزّلة فبعد التوبة ينبغي أن لا يبقي الأمر بالهبوط فأعاده الله ليعلما انّه ما كان جزاء على ارتكاب الزّلة يزول بزوالها بل انّما هو تحقيق بالوعد المتقدّم من جعله خليفة في الأرض (٢).
وهذا الوجه ضعيف ، وإن قوّاه الرازي ، أو لأنّ الهبوط الاول من الجنّة إلى السّماء وهذا الهبوط من السماء إلى الأرض (٣).
وردّ بانه قد جعل الاستقرار في الأرض والتّمتع فيها حالا من الأوّل وان كانت حالا مقدّرة.
وفيه نظر لجواز كونه حالا باعتبار ما يؤول إليه حالهم بعد الهبوط ، وإلّا فلا استقرار ولا تمتّع حال الهبوط بل بعده ، أو لاختلاف الحالين فقد بيّن في الأوّل أنّ الإهباط كان في حال عداوة بعضهم لبعض ، وفي الثّاني انّه كان للابتلاء والتكليف كما يقال : اذهب سالما معافى اذهب مصاحبا ، وان كان الذهاب واحدا لاختلاف الحالين ، وهو قريب من الثّاني ، او لأنّه من تعقيب المطلق بالمقيّد حيث قيّد الثاني بالاجتماع ، واليه الإشارة بما في تفسير الامام عليهالسلام حيث قال : كان أمر في الاول أن
__________________
(١) تفسير الامام عليهالسلام : ص ٩٠ وعنه البحار ج ١١ ص ١٩١.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ج ٣ ص ٢٦.
(٣) نقله الرازي عن الجباعي.