يهبطا (١) وفي الثّاني أمرهم أن يهبطوا جميعا لا يتقدّم أحدهم الاخر ، والهبوط إنّما كان هبوط آدم وحوّاء من الجنّة ، وهبوط الحيّة ايضا منها ، فانّها كانت من أحسن دوابّها ، وهبوط إبليس من حواليها فإنّه كان محرّما عليه دخول الجنّة (٢).
وامّا ما يقال : من أنّ جميعا حال في اللفظ تأكيد في المعنى فكانّه قيل : اهبطوا أنتم أجمعون ، ولذلك لا يستدعي اجتماعهم على الهبوط في زمان واحد كقولك : جاءوا جميعا.
ففيه أنّه كما يتعذّر كونه تأكيدا في اللّفظ فكذلك لا يتعيّن ذلك معنى ، بل قضية الحاليّة بظاهرها اجتماعهم على الهبوط سلّمنا ، لكنّه لا اقلّ من استفادة اجتماعهم بعده وهذا مع سبق العداوة الظّاهرة ممّا يصلح لتمهيد الابتلاء والامتحان ولذا عدل عن التأكيد إلى الحالية أي اهبطوا مجتمعين.
(فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) «إمّا» أصله إن الشرطيّة زيدت عليها «ما» ليصحّ دخول نون التأكيد في الفعل ، إيماء إلى رجحان جانب الوقوع بعد دلالة حرف الشرط على الشك ، فاكّدوا الفعل بالنون والأداة بما ، وقد يقال : إنّ الأداة إذا أكّدت بما وجب تأكيد شرطها فلا ينحطّ المقصود عن رتبة الاداة ، وبالجملة الأمر والنهي والاستفهام تدخل فيها النّون وان لم يكن معها ما ، لاشتداد الحاجة إلى التّوكيد في الأوّلين ، والثالث في معنى أخبروني ، وامّا الخبر فلا يدخله إلّا في القسم وما أشبه القسم في التوكيد لقولك زيد ليأتينّك وبجهد ما تبلغنّ ، وقد يقال في المقام : إنّ ما
__________________
(١) في نسخة : أن يهبطوا.
(٢) تفسير المنسوب الى الامام عليهالسلام ص ٩٠ ـ ٩١.