خلاق لهم في الدّين ولا ينبغي لهم عدّهم في زمرة المسلمين على تخطئة الأنبياء وتفسيقهم وتجهيلهم وتضليلهم ، بل يعزى إلى بعضهم جواز الكفر عليهم.
وجملة الكلام أنّ الاختلاف الواقع في باب العصمة يرجع إلى أربعة اقسام : أحدها : ما يقع في باب العقائد ، ثانيها : ما يقع في التبليغ ، ثالثها : ما يقع في الفتيا والاحكام ، رابعها : ما يقع في أفعالهم وسيرهم عليهمالسلام أمّا الكفر والضّلال في الاعتقاد فقد أجمع المسلمون على عصمتهم عنهما قبل النّبوة وبعدها ، وقد ادّعى الإجماع عليه غير واحد من الفريقين ، نعم قد حكي في الملل والنحل وغيره من الأزارقة وهم أصحاب أبي راشد نافع (١) بن الأزرق من الخوارج انّهم جوّزوا عليهم الذّنب ، وكلّ ذنب عندهم كفر ، فلزمهم تجويز الكفر عليهم ، بل قد يحكى عنهم : أنّهم قالوا : يجوز أن يبعث الله نبيّا علم أنّه يكفر بعد نبوّته ، إلّا انّه لا ينبغي عدّ قول الخوارج في عداد أقوال المسلمين ولا عدّهم في زمرة أهل الإسلام ، بل وكذا من قال بمقالهم كابن (٢) فورك من الأشاعرة حيث جوّز بعثة من كان كافرا ، وامّا ما حكاه شارح التجريد والفضل بن روزبهان عن الشيعة الإماميّة عن انّهم جوّزوا للأنبياء اظهار الكفر تقيّة واحترازا عن إلقاء النفس في التهلكة فهو ناش عن الجهل بمذهبهم ، او
__________________
(١) نافع بن الأزرق الحنفي من بني حنيف رئيس الفرقة الازارقة ، ادّعى الخلافة في البصرة والأهواز ولقّب نفسه بأمير المؤمنين ، وهجم على المدينة وأغار أموال الناس وقتل كثيرا حتى قتل قرب الأهواز في سنة (٦٥) ه بواسطة جيش ابن الزبير.
(٢) ابن فورك : ابو بكر محمد بن الحسن بن فورك الاشعري الأصبهاني له مصنفات كثيره ، مات مسموما بأمر السلطان محمود سنة (٤٠٤) ه.