العناد لهم والافتراء عليهم كيف ومن المعلوم المشتهر بين الفريقين انّ مذهب الإماميّة هو العصمة المطلقة من الكبائر عمدا وسهوا قبل النّبوّة وبعدها وانّه لا يجوز على الأنبياء شيء من التقيّة ، وإن جاز لغيرهم في محلّها ، وهذا المذهب ممّا يعرفه منهم الموافق والمخالف ، امّا جواز التقيّة عليهم ولو في اظهار الكفر فلم يقل به أحد منهم ، ولم ينقل عن واحد منهم ، وهذه أصولهم ومصنّفاتهم يدّعون فيها العصمة المطلقة مطلقا ، وليس فيها أثر ممّا افتراه عليهم قوم آخرون حكاية بل صريح كلام مخالفيهم نسبة القول بثبوت العصمة المطلقة إليهم.
قال العضدي في «شرح المختصر» : الأكثر من المحقّقين على أنّه لا يمتنع عقلا على الأنبياء قبل الرسالة ذنب من كبيرة أو صغيرة ، وخالفت الّروافض في ذلك فمنعوا جواز الذّنب مطلقا.
وعن البدخشي في «شرح منهاج الأصول» : الأكثر من المحقّقين على أنّه لا يمتنع عقلا قبل النبوّة ذنب من كبيرة أو صغيرة خلافا للروافض مطلقا ، وللمعتزلة في الكبائر ولا خلاف لاحد في امتناع الكفر عليهم إلا الفضلية من الخوارج بناء على أصلهم من أنّ كلّ معصية كفر وقد قال الله تعالى : (وَعَصى آدَمُ) (١) ، وجوّز البعض عليهم عند خوف تلف المهجة إظهار الكفر إلى آخر ما ذكره.
وظاهره انّ من جوّز على الأنبياء الكفر خوفا جماعة غير الشّيعة لأنّه ذكر أن الشيعة مانعون مطلقا ، وبالجملة الإماميّة معروفون بإثبات العصمة المطلقة ، كما يظهر من كتب الفريقين المصنّفة في اصول الكلام واصول الفقه ، وقد تظافرت في
__________________
(١) طه : ١٢١.