وأمّا القسم الثالث : وهو ما يتعلّق بالفتيا فاجمعوا على امتناع الخطأ فيه عمدا وسهوا والّا لارتفع الوثوق عن أقوالهم ، وربما يحكى عن بعض العامّة جوازه على جهة السّهو لا العمد.
وامّا القسم الرابع : وهو ما يتعلّق بأفعالهم فاختلفوا فيه على ثمانية أقوال : أحدها مذهب أصحابنا الإماميّة وهو انّه لا يصدر عنهم الذّنب لا صغيرة ولا كبيرة ولا عمدا ولا نسيانا ولا لخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه ولا لغير ذلك من الأسباب ولم يخالف فيه إلّا الصدوق ، وشيخه محمّد (١) بن الحسن بن الوليد رحمهماالله فانّهما جوّزا الإسهاء لا السهو الّذي يكون من الشيطان ، وكذا القول في الأئمّة الطّاهرين ، بل قال الصدوق في «الفقيه» : إنّ الغلاة والمفوضّة لعنهم الله ينكرون سهو النّبي عليه وآله في الصلاة ويقولون : لو جاز أن يسهو في الصلاة جاز أن يسهو في التبليغ لأنّ الصلاة عليه فريضة ، كما أنّ التبليغ عليه فريضة (٢).
ثمّ فرّق بينهما بما لا يخفى ضعفه إلى أن قال : وكان شيخنا محمد بن الحسن ابن أحمد بن الوليد رحمهالله يقول أوّل درجة الغلوّ نفي السّهو عن النّبي صلىاللهعليهوآله (٣).
أقول وسيمرّ عليك في تفسير بعض الآيات المتعلّقة بذلك حكاية تمام ما ذكره في المقام مع إيراد ما يرد عليه وعلى شيخه من وجوه النقض والإبرام.
ثانيها : ما ذهب إليه اكثر المعتزلة وهو انّه لا يجوز عليهم الكبائر ويجوز
__________________
(١) ابن الوليد : محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد شيخ القميين ووجههم ثقة ثقة عين مسكون إليه ، كتب في التفسير وغيره توفي سنة (٣٤٣) ه ـ الكنى والألقاب ج ١ ص ٤٤٦.
(٢) من لا يحضره الفقيه ص ٢٧.
(٣) من لا يحضره الفقيه ص ٩٨.