الأشاعرة ومنهم الّرازي ، وبه قال أبو هذيل وابو علي الجبائي من المعتزلة.
هذا مجمل الكلام في الأقوال وقد سمعت أنّ مذهب الاماميّة كافة هو القول بعصمة النّبي والامام تمام العمر فلنشر إلى معنى العصمة والدّليل على إثباتها ودفع حجج منكريها في مباحث :
الأوّل : في معنى العصمة وهي في اللّغة المنع ، ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (١) أي يمنعك وقوله : (سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ) (٢) (قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (٣) ، و (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ) (٤) أي امتنعوا به ، والمراد بها عند العدليّة هو اللّطف المانع للمكلّف من ترك الواجبات وفعل المحرّمات يفعله الله تعالى به غير سالب للقدرة على خلاف مقتضى اللّطف ، والّا فمع انتفاء القدرة ينتفي التكليف ، فلا يستحقّ مدحا ولا ثوابا ، وهذا هو الّذي يقتضيه الأصول المقرّرة عند العدليّة على ما هو المذكور في الكتب الكلاميّة.
وإليه يرجع ما قيل ايضا : من انّها ملكة ربانيّة تمنع من فعل المعصية والميل إليها مع القدرة عليها.
وما استقرّ به العلّامة أعلى الله مقامه في «أنوار الملكوت» حاكيا له عن بعض العامّة : من انّها عبارة عن لطف يفعله الله بالمكلّف لا يكون معه داع إلى المعصية وإلى ترك الطاعة مع قدرته عليهما.
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) هود : ٤٣.
(٣) هود : ٤٣.
(٤) آل عمران : ١٠٣.