يرتاب عاقل في انّ من هذا شأنه لا يصلح لرئاسة الدّين والدّنيا وانّ النفوس تتنفّر عنه ، بل لا يجوّز أحد أن يكون مثله صالحا لأن يكون واعظا وهاديا للخلق في أدنى قرية ، فكيف ، يجوّز أن يكون ممّن قال الله تعالى فيهم : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (١). (٢)
وامّا تنزيههم عن المعاصي قبل النبوّة وعن السّهو والخطأ مطلقا فيمكن الاستدلال له بما تقدّم من التنفير والتّقريب على ما مرّ ، مضافا إلى الإجماع فيهما ايضا بسيطا ومركّبا تحقيقا ونقلا حسبما سمعت.
ومنها جملة من الآيات الدّالة عليها كقوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٣) ، بناء على أنّ المراد بهذا العهد إمّا عهد النبوّة أو عهد الامامة الّتي هي وجوب الاقتداء وهو على المعنيين ثابت للنّبي صلىاللهعليهوآله فلو كان عاصيا لكان من الظالمين (هف) ومن (لهذا خلف).
وقوله حكاية عن إبليس : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٤).
فلو عصى نبيّ لكان قد أغواه الشيطان ولم يكن من المخلصين ، وهما فاسدان بالإجماع.
ولقوله تعالى : في ابراهيم واسحق ويعقوب (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى
__________________
(١) الحجّ : ٧٥.
(٢) بحار الأنوار ج ١١ ص ٩٤.
(٣) البقرة : ١٢٤.
(٤) ص : ٨٢ ـ ٨٣.