وتوهّم انّه قد قرنه بما يدلّ على أنّ المراد به النّوع مدفوع بأنّ القرينة لا بدّ أن تكون مفهمة ومعها يتمّ المحذور ، وإلّا فلا إفهام فلا تكليف ، ولذا قيل : إنّه لو كلّفه على الوجه المذكور من دون قرينة تدلّ على المراد لزم التكليف بما لا يطاق ومع القرينة يلزم الإخلال بالنظر والتقصير في المعرفة (١).
وأمّا ما يقال من أنّه تعالى عرّفه القرينة وقت الخطاب ثمّ غفل عنها ونسيها لطول المدّة أو غيره.
ففيه أنّه مبنيّ على جواز النسيان على الأنبياء وفيه ما لا يخفى.
وثانيا : انّ الأنبياء لا يجوز عليهم الاجتهاد والعمل بالظّن أو اعتقاد خلاف الواقع ولو على طريق غير الجزم.
وعدم كونه وقت الخطاب نبيّا كما تضمّنه الخبر غير حاسم لمادّة الأشكال على أصولنا ، كما أنّه لا يحسمها القول بارتكابه على جهة التأويل كما هو المحكيّ عن أبي علي (٢) وغيره ، ولذا أورد عليهم المرتضى رضي الله عنه بأنّه وان نزّهه عن تعمّد معصية ، إلّا أنّ أضاف إليه معصيتين : ترك التأمّل في متعلّق النّهي انّه هل هو الجنس أو العين ، والتّناول من الشّجرة ولو مع اعتقاد الحلّية للخطأ في الاجتهاد والاعتقاد وتوهّم انّ النظر فيما كلّفه من الامتناع من الجنس او النّوع لم يكن واجبا عليه مدفوع بأنّه ان لم يكن واجبا عليه فكيف يكون مكلّفا (٣).
نعم ربما يقال : انّه توجيه متّجه ولو بمعونة الرضوي والعسكري المتقدمين ،
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١١ ص ١٩٩.
(٢) هو ابو عليّ الجبائي محمد بن عبد الوهاب المعتزلي : المتوفى (٣٠٣) ه.
(٣) تنزيه الأنبياء ص ٧ ـ ٨.