ويرجع إلى ترك الأولى ، وهو ليس بذنب في الحقيقة ولا بأس به ، إلّا أنّ مرجعه إلى أحد الأولين.
وامّا ما يقال ايضا في بيان الخطأ في الاجتهاد : من انّه قال : ولا تقربا فظن آدم انّه نهي لهما على الجمع ، فيجوز لكلّ منهما الأكل منفردا ، إذ لا يلزم من حصول النهي حال الاجتماع حصوله حال الانفراد (١).
فهو ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه وان ذكره الرّازي وغيره.
سابعها : انّ نسبة العصيان إلى آدم مبنيّة على تقدير مضاف والمراد وعصى أولاد آدم كما في قوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٢) ، بل قد يؤيّد بقوله في قصّة آدم وحوّاء : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) (٣) ، ومن المعلوم انّهما لم يشركا وإنّما أشرك أولادهما.
وردّ بانّه وان كان احتمالا يصحّح اللّفظ ، لكنّه مخالف لما في الواقع ، فإنّ أولاد آدم لم يقع منهم الاكل من الشجرة شجرة الخلد ولم يكونوا منهيّين عن ذلك ايضا ، ولم يكن ذلك إلّا من آدم وحوّاء.
نعم ربّما تؤول الشّجرة في الآية بحبّ الدنيا ورئاستها وزينتها وخصوص علم الإكسير وهو على فرضه لا يمنع من ارادة الظّاهر بل لا يتمّ إلّا معها.
ثامنها : أنّ النهي وان كان ظاهرا في التحريم لكنّه ليس نصّا فيه ، وانّما صرفه عن الظاهر لدليل ظنّه قرينة عليه.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٣ ص ١٥.
(٢) يوسف : ٨٣.
(٣) الأعراف : ١٩٠.