بالامتناع واستعماله في هذا المعنى حقيقة على ما هو الظّاهر من أئمّة اللّغة قال الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمره |
|
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما |
ولذا قيل : إنّ الظاهر من قوله : عصى فغوى انّ الذي دخلته الفاء جزاء على المعصية وانّه كلّ الجزاء المستحقّ بالمعصية إذ الظاهر من قول القائل : سرق فقطع وقذف فجلد ثمانين انّ ذلك جميع الجزاء لا بعضه وكذلك إذا قال القائل من دخل داري فله درهم فانّ معناه انّ الدّرهم جميع جزائه ولا يستحقّ بالدّخول سواه ومن لم يفعل الواجب استحقّ الذّم والعقاب وحرمان الثواب وامّا من لم يفعل ما أرشده إليه وندبه فلا يستحقّ إلّا حرمان الثّواب فقط ، وحيث انّ مدخول الفاء تمام الجزاء وقد سمعت انّه الخيبة وعدم نيل المطلوب فلا بدّ أن يكون العصيان بترك الأولى حسبما سمعت (١).
ثانيا : سلّمنا أن يكون المراد بالغيّ هو الضّلال كما صرّح به الجوهري بكونه من معانيه إلّا أنّ الضّلال هو البعد عن المطلوب بارتكاب ما يبعده عنه كما أنّ الرشاد هو التّوسل بشيء إلى شيء وسلوك طريقة موصلة إلى المطلوب ، وحيث انّه قد بعد بمخالفة النّهي التنزيهي او الارشادي عن نيل الثواب الّذي هو المقصود جاز اطلاق كونه ضالًّا غاويا عن نيل مقصوده (٢).
وعن الثّالث : بانّ الظّلم في أصله موضوع لوضع الشيء في غير موضعه كما
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١١ ص ٢٠٠ عن السيّد المرتضى في جواب المسائل التي وردت عليه من الري.
(٢) بحار الأنوار ج ١١ ص ٢٠٠ مع تفاوت في العبارات.