نصّ عليه الجوهري والفيروزآبادي والفيّومي وغيرهم ممّن صنّف في اللّغة واستشهد عليه في الصّحاح وغيره بقوله تعالى : (وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) (١) وقول الشّاعر : ومن يشابه أباه فما ظلم.
وبالمثل : من استرعي الذّئب فقد ظلم ، ويقال : إنّ أصله انتقاص الحقّ وبه فسّر الآية في «القاموس» وعن الجزري انّه قال في حديث ابن زمّل : لزموا الطريق فلم يظلموه ، اي لم يعدلوا عنه يقال أخذ في طريق فما ظلم يمينا وشمالا (٢).
وبالجملة فمرجع معنى الظّلم لغة وعرفا إلى شيء من الثلاثة ، ومن البيّن انّ الوصف به لا يستلزم ما ادّعاه المستدلّ على جميع الوجوه ، وذلك لأنّ مخالفة ما هو الأولى أو المندوب إليه وضع للشيء في غير موضعه ، وموجب لنقص الثّواب ، وعدول عن الطّريق المؤدّي له إلى المراد.
وأمّا ما استدلّ به على أنّ الظالم ملعون ، ففيه انّ الحكم معلّق على الموضوع المقيّد بالصّدّ عن سبيل الله والكفر بالاخرة ، ولذا قال في الأعراف وفي هود (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) (٣) ، وأين هذا من دلالته على لعن مطلق الظّالمين او خصوص صاحب الكبيرة من المسلمين ، بل قيل : إن اللّعن ايضا لا يدلّ على كون المعصية كبيرة ، لورود الأخبار بلعن صاحب الصغيرة ، بل من ارتكب النّهي التنزيهي ايضا ، لأنّ معنى اللّعن هو الطّرد والابعاد عن الرّحمة ، ويحصل البعد عنها بفعل المكروه
__________________
(١) الكهف : ٣٣.
(٢) النهاية لابن الأثير الجزري المتوفى (٦٠٦) ه ج ٣ ص ١٦١ في «ظلم».
(٣) هود : ١٨ ـ ١٩.