عزوجل ناداه مناد من لدن العرش : يا آدم أخرج من جواري فإنّه لا يجاورني أحد عصاني ، فبكى وبكت الملائكة ، فبعث الله عزوجل اليه جبرئيل فأهبطه الى الأرض مسوّدا ، فلمّا رأته الملائكة ضجّت وبكت وانتحبت وقالت : يا ربّ خلقا خلقته ، ونفخت فيه من روحك ، وأسجدت له ملائكتك بذنب واحد حوّلت بياضه سوادا؟! فنادى مناد من السماء صم لربك اليوم ، فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ، ثمّ نودي في يوم الرابع عشر بالصّيام ، فصام فذهب ثلثا السواد ثمّ نودي في يوم خمسة عشر بالصّيام فصام وقد ذهب السواد كلّه ، فسمّيت ايّام البيض الّذي ردّ الله عزوجل فيه على آدم من بياضه ، ثمّ نادى مناد من السّماء يا آدم هذه الثلاثة الأيّام جعلتها لك ولولدك من صامها في كلّ شهر فإنّما صام الدّهر.
وزاد الحميدي في الحديث : فجلس آدم عليهالسلام جلسة القرفصاء (١) ، ورأسه بين ركبته كئيبا حزينا ، فبعث الله تبارك وتعالى إليه جبرئيل فقال : يا آدم مالي أراك كئيبا حزينا؟ فقال : لا أزال كئيبا حزينا حتّى يأتي أمر الله ، قال : فانّي رسول الله إليك وهو يقرئك السّلام ويقول : يا آدم حيّاك الله وبيّاك ، قال امّا حيّاك الله فأعرفه ، فما بيّاك؟ قال : أضحكك ، قال : فسجد آدم فرفع رأسه إلى السّماء وقال : يا ربّ زدني جمالا فأصبح وله لحية سوداء كالحمم ، فضرب بيده إليها فقال يا ربّ ما هذه؟ فقال : هذه اللّحية زيّنتك بها أنت وذكور ولدك إلى يوم القيمة (٢).
__________________
(١) قال الجوهري : القرفصاء : ضرب من القعود ، يمدّ ويقصّر وهو أن يجلس على ركبته منكبّا ويلصق بطنه فخذيه ويتأبط كفيه.
في «المنجد» : ترفصه : جمعه وشدّ يديه تحت رجليه.
(٢) بحار الأنوار ج ١١ ص ١٧١ ـ ١٧٢ عن العلل ص ١٣٣.