جملة كلام له لم نتعرّض لحكايته : من أنّا لم نقف في الأخبار على ما يدلّ على ثبوت الأجساد المثاليّة للأنبياء والأئمّة صلوات الله عليهم بعد الموت فضلا عمّا ادّعاه المحدّث الفيض من الوجود في الدنيا.
إذ فيه أنّ الأخبار على ذلك كثيرة جدّا مثل ما ورد من أنّ الملائكة اشتاقت إلى رؤية عليّ بن ابي طالب فخلق الله تعالى صورته في السموات.
وانّ لكلّ مؤمن مثالا في السّماء يفعل كفعله في الدّنيا ، على ما مرّت الإشارة إليها وإلى غيرها فيما تقدم.
وامّا ما ذكره الفيض من رفع المثالي وبقاء العنصري فهو بعيد جدّا ، بل لعلّه مقطوع العدم عن مساق أخبار الباب بكثرتها واشتهارها بين العصابة ، مع أنّ جميع المؤمنين مشتركون معهم في نقل أبدانهم المثاليّة عن قبورهم إلى جنان البرزخ ، فلا اختصاص لهم بذلك ، مع أنّ ظاهر الأخبار هو الإختصاص ، ولذا قال المفيد في شرح العقائد : إنّه قد جاء في الحديث : انّ الأنبياء خاصّة والأئمّة عليهمالسلام من بعدهم ينقلون بأجسادهم وأرواحهم من الأرض إلى السّماء فينعّمون في أجسادهم الّتي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا ، وهذا خاصّ بحجج الله دون من سواهم من النّاس.
فرفع أبدانهم العنصريّة ممّا لا ريب فيه ، نعم من المحتمل قريبا أن يبقى في قبورهم بعد رفعهم بدن من أبدانهم المثاليّة لما يقصدونهم النّاس ، وهو الّذي يرى في قبورهم عند النّبش أزمنة طويلة ، وإنّما جعل الله هذا المثال لبركات العباد وتوجّهاتهم وضراعاتهم كما جعل في ايّام حياتهم وبقائهم بأبدانهم العنصريّة في الدّنيا مثالهم في السموات ليكون مثابة وأمنا ومطافا للملائكة.