ومنها : ما ذكره المحدّث البحراني بعد تمهيد مقدّمة هي : أنّ المستفاد من جملة من الأخبار انّ دفن الميّت إنّما يقع في موقع تربته الّتي خلق منها كما في «الكافي» في الصّحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : من خلق من تربة دفن فيها (١).
وفيه عن الصّادق عليهالسلام : إنّ النّطفة إذا وقعت في الرّحم بعث الله ملكا فأخذ من التّربة الّتي يدفن فيها فمائها في النّطفة فلا يزال قلبه يحنّ إليها حتّى يدفن فيها.
الى غير ذلك من الأخبار الدّالة عليه وحينئذ فنقول : ما ورد من الأخبار دالّا على رفعهم عليهمالسلام من الأرض بالأبدان العنصريّة يجب تقييده بما دلّت عليه هذه الاخبار من الدّفن في الموضع الاصلي والمقرّ الحقيقي الّذي أخذت منه الطينة ويجب حمل خبري عظام آدم ويوسف عليهماالسلام على الدّفن في غير الموضع المشار اليه فكانّه إنّما وقع على وجه الإيداع في هذا المكان لمصلحة لا نعلمها والمقرّ الحقيقي إنّما هو الموضع الّذي أمر الله سبحانه بالنقل اليه وبعد فيصير الدّفن في ذلك الموضع من قبيل ما لو بقي على وجه الأرض من غير دفن في وجوب بقاء الجسد العنصري وإن جاز انتقال كلّ منهما عليهماالسلام إلى بدن مثالي في ذلك العالم لعدم إمكان نقل البدن العنصري حيث إنّه مأمور بنقله إلى ذلك المكان الأخر بعد الإيداع في هذا المكان مدّة ، فمن أجل ذلك لم يرفعا به ، وأمّا وجه الحكم في الدّفن أوّلا في مكان مع عدم كون المكان الأصلي والتربة الحقيقيّة ، فلا يجب علينا أن نطلب وجهه ، وإنما علينا
__________________
(١) الكافي : ج ٣ ص ٢٠٢ ح ١.