بالمدينة وما والاها من بني إسرائيل ، أو من أسلم من اليهود وآمن بالنبي صلىاللهعليهوآله أو أسلاف بني إسرائيل ، أقوال ثلاثة والأقرب الأول ، لأن من مات من أسلافهم لا يقال له : (آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ) (١) إلّا على ضرب من التأويل ، ومن آمن منهم لا يقال له : أمنوا ... إلّا بمجاز بعيد (٢) وتخصيص هذه الطائفة بالذكر والتذكير والتذكير لما أنهم أوفر الناس نعمة وأكثرهم كفرا بها.
(اذْكُرُوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة ، والواو فاعل ، وهو مشتق من الذكر ـ بكسر الذال وضمها ـ بمعنى واحد ، ويكونان باللسان والجنان.
قال الكسائي (٣) : هو بالكسر للسان ، وبالضم للقلب. وضدّ الأول الصمت ، وضدّ الثاني النسيان.
وعلى الأول يكون المعنى أمرّوا النعم على السنتكم ولا تغفلوا عنها ، فإن إمرارها على اللسان ومدارستها سبب لأن لا تنسى.
وعلى الثاني يكون المعنى تنبّهوا للنعم ولا تغفلوا عن شكرها.
(نِعْمَتِيَ) هي مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء مضاف إليه.
__________________
(١) البقرة : ٤١.
(٢) تفسير البحر المحيط : ج ١ ص ١٧٤.
(٣) هو ابو الحسن علي بن حمزة الكوفي الكسائي ، أحد القرّاء السبعة ومؤدب هارون والأمين ، وكان من تلامذة الخليل.
قال الشافعي : من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال علي الكسائي مات سنة (١٨٩) ه ، العبر ح ١ ص ٣٠٢.