«حدّ النعمة» قال الراغب (١) في «المفردات» : النعمة : (بالكسر) الحالة الحسنة ، وبناء النعمة بناء الحالة التي يكون عليها الإنسان كالجلسة والركبة ، والنعمة (بفتح النون) : التنعم وبناؤها المرّة من الفعل ، كالضربة والشتمة ، والنعمة ، والنعمة (بالكسر) للجنس تقال للقليل والكثير ، قال : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) (٢) ، (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) (٣).
وقال الرازي في «مفاتيح الغيب» : النعمة هي المنفعة المفعولة على جهة الإحسان الى الغير ، وقولنا : المفعولة على جهة الإحسان لأنها لو كانت منفعة وقصد الفاعل نفع نفسه لا نفع المفعول به أو قصد الإضرار به لم يكن ذلك نعمة.
إذا عرفت النعمة فلنذكر مطلبين : الأول : أن كلّ ما يصل إلينا أناء الليل والنهار في الدنيا والآخرة من النفع ودفع الضرر فهو من الله تعالى على ما قال تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) (٤).
ثمّ إنّ النعمة على ثلاثة أوجه :
أحدها : نعمة تفرد بها الله تعالى نحو الخلق ، والرزق.
وثانيها : نعمة وصلت إلينا من جهة غيره ، بأن خلقها وخلق المنعم ، ومكّنه من الإنعام ، وخلق فيه داعيته ووفقه عليه وهداه إليه ، فهذه النعمة في الحقيقة أيضا من الله عزوجل ، إلّا أنه تعالى لمّا أجراها على يد عبده كان ذلك العبد مشكورا ، ولكن
__________________
(١) الراغب الاصفهاني : أبو القاسم حسين بن محمد المفضل الشافعي صاحب اللغة والعربية والحديث والشعر والأدب توفي سنة (٥٠٢) ه.
(٢) النحل : ١٨.
(٣) البقرة : ٤٠.
(٤) النحل : ٥٣.