المأمورين المنهيّين ، فلو كانت قديمة ازليّة لم يتغيّر من حال إلى حال (١) الخبر.
والظّاهر أنّ قوله بمنزلة العبيد المأمورين المنهيّين يعني في حركاتهم لا أنّهم مأمورون بتدبير العالم بحركاتهم ، فهي مدبّرة باختيارها المنبعث عن أمر الله.
ثمّ حكى عن المحدّث (٢) الكاشاني. أنّه قال في «الوافي» في توجيه البداء كلاما ربما يظهر منه مخالفته للمشهور حيث قال : اعلم أنّ القوى المنطبعة الفلكيّة لم تحط بتفاصيل ما سيقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهي تلك الأمور ، بل إنّما تنقش فيها الحوادث شيئا فشيئا ، فإنّ ما يحدث في عالم الكون والفساد إنّما هو من لوازم حركات الأفلاك ونتائج بركاتها ، فهي تعلم أنّه كلّما كان كذا كان كذا انتهى ما حكاه عن الكاشاني (٣).
ثمّ قال : وظاهره (٤) أنّها فاعلة بالاختيار لملزومات الحوادث ، وبالجملة فكفر المعتقد بالرّبط على هذا الوجه الثاني لم يظهر من الأخبار ، ومخالفتها لضرورة الدّين لم يثبت أيضا ، إذ ليس المراد العليّة التّامة كيف وقد حاول المحدّث الكاشاني بهذه المقدّمات اثبات البداء (٥) ، أقول : وهو جيّد وجيه فيما ذكره من المنع عن قيام الإجماع والضرورة على نفي الحياة والقول بالتأثير في الجملة ، وإن كان لا يخلو من نظر فيما ذكره في معنى الخبر حسبما سنشير إليه والى ما يرد على المحدّث الكاشاني في تفسير الآيات
__________________
(١) الاحتجاج ط النجف الأشرف ج ٢ ص ٧٢.
(٢) هو العالم الفاضل الكامل الحكيم المتأله محمد بن المرتضى المدعوّ بالمولى محسن القاشاني توفي سنة (١٠٩١) ه
(٣) الوافي : ج ١ ص ١١٢.
(٤) أي وظاهر كلام المحقّق الكاشاني.
(٥) المكاسب ج ٢ بتعليق الكلانتر ص ٣٣١ ـ ٣٤٤.