لا تكونوا أئمة في الكفر به» (١)
ولا يبعد هذا الوجه فإنّ النّاس في المذاهب والملل يتّبعون أهل الكتاب وأهل العلم في أكثر الأزمنة ، ومعلوم أنّ الخطاب في الآية مع ائمة أهل الضلال وعلمائهم الذين شأنهم كتمان الحق الذي في الكتب ، وتلبيسه بالباطل ، وتحريف الكلم عن مواضعه كما هو عادة علماء السوء.
وعظم أول الكفر لأنّهم إذا كانوا أئمّة لهم وقدوتهم في الضلالة كانت ضلالتهم أعظم وكفرهم أشدّ ، إذ كما أنّ السابقين من الإيمان أعظم قدرا في الثواب واشدّ قربا من الله تعالى لقوله : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٢) كذلك السابقون الى الكفر كانوا أعظم ذنبا ممّن بعدهم واشدّ ضلالا واكثر بعدا عن الحقّ.
ولما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» (٣).
وعن ابن جريح (٤) : أنّ المعنى : لا تكونوا أوّل جاحد جحد صفة النبي صلىاللهعليهوآله في
__________________
(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٩٤.
(٢) الواقعة : ١٠.
(٣) كنز العمال : ج ١٥ ص ١٨٠ ، بحار الأنوار : ج ٧١ ص ٢٥٧.
(٤) هو أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح الرومي المكّي قيل : إنّه كان أوّل من صفّ ـ الكتب بالحجاز. توفي سنة (١٥٠) ه ، العبر : ج ١ ص ٢١٣.