كتابكم ـ فعلى هذا تعود الهاء في «به» الى النبي صلىاللهعليهوآله.
قال الطبرسي في «المجمع» : وليس في نهيه عن أن يكونوا أوّل كافر به دلالة على أنّه يجوز أن يكونوا آخر كافر ، لأنّ المقصود النهي عن الكفر على كلّ حال ، وخصّ أوّلا بالذكر لما ذكرناه من عظم موقعه كما قال الشاعر (١) :
من أناس ليس في أخلاقهم |
|
عاجل الفحش ولا سوء الجزع |
وليس يريد أنّ فيهم فحشا آجلا (٢).
(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) قال الرازي : فيه سؤالان : أحدهما : كيف جعلوا أوّل من كفر به وقد سبقهم الى الكفر به مشركوا العرب؟
والجواب من وجوه :
أحدها : أنّ هذا تعريض بأنّه كان يجب أن يكونوا أوّل من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ، ولأنّهم كانوا هم المبشّرون بزمان محمّد صلىاللهعليهوآله والمستفتحون على الذين كفروا به فلمّا بعث كان أمرهم على العكس لقوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (٣).
ثانيها : يجوز أن يراد ولا تكونوا مثل أوّل كافر به يعني من أشرك من أهل مكّة ، أي ولا تكونوا وأنتم تعرفونه مذكورا في التوراة والإنجيل مثل من لم يعرفه
__________________
(١) هو سويد بن ابي كاهل شبيب بن حارثة بن حسل بن مالك أبو سعد شاعر متقدم من مخضرمي الجاهلية والإسلام وكان من المعمّرين مات بعد سنة (٦٠) ه ، خزانة البغدادي : ج ٢ ص ٥٤٧.
(٢) مجمع البيان : ج ١ ص ٩٥.
(٣) سورة البقرة : ٨٩.