قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير الصراط المستقيم [ ج ٥ ]

تفسير الصراط المستقيم [ ج ٥ ]

6/488
*

الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (١) أو فاقدين للوجودات الكونيّة وإن كنتم متميّزين باعتبار التقريرات الإمكانية بناء على أنّها أمور اعتبارية كما قيل ، أو باعتبار كونها مجعولة بالمشيّة الإمكانية على وجه ليس لها حدّ ونهاية كما هو الحقّ أو أجساما لا حياة لها قطرات مزنية أو سجينيّة ، ورشحات سحابيّة ، وبسائط عنصريّة ، واغذية حيوانيّة ، واخلاطا بدنيّة ونطفا أمشاجيّة ، ومضغا مخلّقة وغير مخلّقة ، وعظاما باللّحم مكسوّة ، أو فاقدين للعلم والشعور والإدراك الذي به الحياة الانسانية كما قال : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) (٢) أو للايمان والتصديق الذي به الحياة الحقيقيّة الابديّة كما قال : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ) (٣) ، (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (٤) ، (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (٥) ، أو خاملي الذكر ، بناء على ما قيل : من أنّ العرب تسمّي كلّ أمر خامل ميّتا وكلّ أمر مشهور حيّا قال :

فأحييت عن ذكري وما كان خاملا

ولكن بعض الذكر أنبه من بعض

(فَأَحْياكُمْ) خلقكم بالمشيّة الإمكانية ثمّ بالمشيّة الكونيّة ثمّ فطر عقولكم وأبدع نفوسكم وركب أرواحكم وأنشأ أبدانكم خلقا من بعد خلق إلى أن أنشأكم خلقا آخر على ما جرى به القدر ، وجعل لكم السمع والأبصار والقدرة والاختيار ، وعلّمكم بعد الجهالة الجهلاء ونجّاكم من الضلالة الظّلماء ، وهداكم إلى المحجّة البيضاء ، وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها ونشر ذكركم ورفع قدركم بعد

__________________

(١) مريم : ٦٧.

(٢) النّحل : ٧٨.

(٣) يس : ٧٠.

(٤) النمل : ٨٠.

(٥) الانعام : ١٢٢.